دأب العراقيون.. طوال السبعينيات والثمانينيات، على انتظار تمثيلية السهرة، مساء كل ليلة خميس، الى ان تلاشت.. طوتها تلافيف “الحصار – العقوبات الدولية” التي خرجوا منها يوم 9 نيسان 2003 الى تحولات جذريّة شهدها العالم؛ انشغل العراق بالفساد والارهاب، عن اللاحق بها.
وقالت الشاعرة رجاء الربيعي.. عضوة مجلس اتحاد الادباء: “تألقت هند كامل، في تمثيلية “رائحة القهوة” ود.عواطف نعيم والراحل يوسف العاني، في “عش البلابل”، هذان عملان أسوقهما أنموذجين يمثلان ترافة البيوت العراقية” مؤكدة: “التلفزيون من خلال تمثيلية تبث في ليلة واحدة ولا تعاد إلّا بتوالي طلبات المشاهدين، يحقق تغذية مرتدة لمعرفة تأثير نتاجه في المتلقي”.
ورجحت: “التلفزيون من خلال التمثيليات والمسلسلات.. شديدة المحلية.. نقلنا الى مستويات جمالية مثلى؛ من خلال تقديمه حياتنا لنا بشكل فني.. تأملي متمعن، يتواصل مع الناس بلغة أنيقة، بحيث ترى الممثل وكأنّه لا يمثل.. انما يتحرك مع العائلة في بيوت العراقيين كافة” مبررة: “هذا الفن.. إنعكس عليه الارهاب وشغف الاجيال بالاسلحة وضراوة الحروب التي أضفت ظلها من جبهات الحدود الى مفخخات الشوارع والاسواق والساحات العامة؛ وبهذا ما عاد صانعو التمثيليات يعنون بفنهم؛ لأنّه من دون جمهور.. سابقا حتى البرامج كانت حلوة برصانة.. لا ابتذال فيها”.
واضاف الناقد مهدي عباس: “توجهات المتلقي كانت مصوبة نحو بساطة الانتاج، الان اصبح المشاهد موضع رهان الشركات التي لا تتورع عن انتهاج اية وسيلة جذب والذهاب الى اكثر المنافذ هيمنة على ذوق الناس؛ لتحقيق مكاسب مادية وليس تنافسا فكريا وجماليا وبناءً مجتمعيا؛ لذلك لم يعد لبساطة تمثيلية السهرة جمهور بات يقضي مساءه في المولات”.
وتابع الفنان مازن محمد مصطفى: “لو عادت التمثيلية التلفزيونية لسدت شاغرا كبيرا في الانتاج الدرامي المتوقف حاليا؛ ولاعادت خصوبة الذائقة العراقية الى سابق رهافتها التي شوّهتها الحروب و”العقوبات الدولية – الحصار” والارهاب والفساد” موضحا: “التلفزيون ما زال مجمع العائلة عند العشاء، وأثره كبير في محو مصطلحات العنف التي سادت المجتمع؛ لذلك اعتبر التمثيلية التي يشاهدها الفرد في 45 دقيقة أجدى من مسلسل لا يستطيع متابعته بحكم تسارع ايقاع الحياة الان، وبهذا فالتمثيلية التلفزيونية وسيلة تربوية واداة مجتمعية فاعلة اكثر من السينما والاذاعة والمسرح والجريدة”.