صباح الفل

منصة 2020/12/05
...

  لانا عبد الستار
وأنا أتفقد مزروعاتنا كل صباح. أتذكر كيف 
اشتريناها معاً. أكثر شجيرة تستوقفني شجيرة الفل.. تفوح برائحتها، أنحني إليها حتى تتعمق الرائحة 
بأنفي.
زهرات الفل البيضاء لها نقاء قلبك نفسه، عبق رائحتها كعبق تاريخك معي، رقة بتلاتها كرقة تعاملك معي، لطافتها كلطافتك وتواضعها كتواضعك، صبرها على حين أنسى أنْ أسقيها كصبرك عليَّ حين أنساك في زحمة نهاري المزدحم.
بدأ ديسمبر فتوقفت شجيرتنا عن النمو حتى صيفنا المقبل لتبدأ بمزاحمة الجدار بجانب الباب حيث تركتها آخر مرَّة.
تلصصت يوماً في الويكيبيديا على شجرة الفل لأكتشف أنها شجرة معمرة، فرحتُ جداً لهذه المعلومة، أحزنُ 
كثيراً عندما تذبل إحدى مزروعاتنا أنا وأنت. وعرفت أيضاً أنها من حقيقيات النوى... الله كم أحب أنْ يكون كل ما يخصنا حقيقياً لأننا نمقتُ الزيف أنا وأنت ونقدر الحقيقة، حتى في الكائنات هناك كائنات حقيقيَّة النوى وكائنات نواها زائفٌ،هم يسمونها بدائيَّة النواة وأنا أسميها زائفة، الأمر يتعلق بالحمض النووي داخل النواة، شجيرتنا ذات نواة حقيقيَّة وحمض نووي محصور داخل النواة مثلما أنت محصورٌ داخل قلب، وتصنيفها العلمي أنها ثنائيَّة الفلقة، وهل يعقل أنْ يكون ما نحب إلا ثنائياً؟
قبل أيام داهمتني ذكرياتنا، بكيت كثيراً، آلمتني عيناي، قطفت بتلات فل وعملت منها منقوعاً واستخدمتها كمادات لعيني المنتفخة، هدأت تحت عتمة الكمادات الدافئة وطيفك أمامي.
كل أشيائنا هي دوائي في غيابك، العطور التي أهديتني إياها والمجوهرات التي ألبستني، والملابس التي انتقيناها معاً، كل شيء لمسته يداك هو دواء لي.