الأسرة والتنشئة الصحيحة

اسرة ومجتمع 2019/01/25
...

صباح محسن كاظم 
ثمة مسؤوليَّة كبرى على عاتق العائلة في زمن العولمة، وانتشار التكنولوجيا، ووسائل الاتصال الاجتماعي بسبب تأثيرها البالغ في تشكيل الوعي، وتوجيه السلوك.. في ما مضى كانت الأسرة متآلفة، منسجمة، متعاونة، سطوة الوالدين بالاحترام والتقديس والانصياع والالتزام يستمد الفرد الخلق الرفيع من الأجداد والآباء والمحيط، في عصر السرعة تلاشت تلك الأواصر وهناك محددات أخرى غير (الأسرة) تحدد مسارات السلوك مع هذا الانجراف الكبير، واللهاث وراء مؤثرات العالم المعولم ينبغي عدم تخلي الأسرة عن دورها الريادي بتقويم وتسديد الأخلاق بمجتمعاتنا للحفاظ على وحدة المجتمع، وعدم بروز المشاكل الاجتماعية من انحلال الروابط الذي ينعكس بكثرة الطلاق والتناشز الاجتماعي والتفكك الأسري.. (التنبيه - التبصير- التذكير) ثلاثية لدرء الأخطار التي 
تهدد كيان الأسرة، وتعزز الروابط الاجتماعية التي تسمو بالمجتمع، وتتجاوز التشظي، والتفتت 
والانقسام.في كتاب د. ليلى شمس الدين (آداب التصرف.. فنون التواصل والتميز) الصادر في 2018، دار لبنان بـ129 صفحة، تتناول فيه الباحثة الاجتماعية أهم القضايا الجوهريَّة والمعياريَّة، في السلوك الفردي، والأسري لضبط إيقاع المنظومة الأخلاقيَّة، والتربويَّة، والاجتماعيَّة ويؤسس لصقل الشخصيَّة في زمن التواصل الاجتماعي الذي هبت رياحه على عالم اليوم، لذلك وضعت المعايير السلوكيَّة داخل الأسرة والتربية وفن التعامل وفق المُثل العليا وميدانها الاجتماعي، السلوك الصحيح مع الآخرين فن وأخلاق، وعدم الإساءة والاعتداء والازعاج، يعدُّ ضمن المنظومة الأخلاقيَّة التي تجعل الفرد عنصراً نافعاً اجتماعياً، وبالتالي الاطمئنان الأسري. فالقواعد الأخلاقيَّة بالتعايش مع الآخرين تحتم احترام الآخر، عدم الإساءة، والتدخل بشؤون الآخرين، فأمراض العصر: النميمة، الحقد، الرياء تؤدي إلى فقدان الثقة بالمجتمع، والسلوكيات المنافية للضبط الاجتماعي تجعل الإنسان يشعر أنه يعيش بغابة وليس بروضة من الجنان وسط المفاهيم الإنسانيَّة بالحب.. والتعاون والاحترام والسلوك الحسن انعكاسٌ للتربية الأسريَّة السليمة التي يحملها الفرد العنوان لشخصيته، وبالتالي تؤثر بالمقابل بصنيعها المهذب، الذي يجعل الفرد محط الإعجاب عكس سيئ التصرف، المشاكس، عديم الذوق، البذيء اللسان، 
الذي يتحاشى الجميع سلوكه المنفر.. فن الاتيكيت يتطلب عدم طلب ما لم يمكن أنْ يفعل لتحقيق مصلحة شخصيَّة على 
حساب الحق، باتباع الطرق المنافية للأخلاق كالتزوير، والغش، والاحتيال، والكذب الذي يعج به المنافق.. فاحترام الآخر من احترام الذات أولاً بعدم طلب ما لا يطلب، وعدم التدخل 
بالشأن الشخصي، واحترام خصوصية الإنسان، فالإنسان المستقيم النزيه يعكس السلوك الأسرى الصحيح.
تناولت المؤلفة شمس الدين بـ6 أبواب ومباحث تفصيلات مهمَّة تخص الأسرة، وبناء الفرد، وفق السلوك الحضاري الذي تحتاجه جميع مجتمعاتنا. 
من آداب التصرف، وكما جاء بالباب الأول الاتيكيت - المصطلح والمعنى لتفصل الموضوع بنقاط ٤، ما الاتيكيت، الإتيكيت ومنشأها، فنون الإتيكيت، مضامين الإتيكيت، فيما ركزت بالباب الثاني على: آداب المحادثة والاستماع من خلال 9 أسس شرحتها مفصلاً وهي قواعد ذهبية في لياقة الحديث والحوار أجد تلك الرؤى التي ناقشتها “المؤلفة” هي 
وصايا أخلاقيَّة لا بدَّ من اتباعها ليصبح الإنسان على مستوى من الذوق والأخلاق بفن التعامل وعدم طلب ما لا يمكن تحقيقه وتدلل على احترام الإنسان لخصوصيَّة الآخرين.. وتستمر بتفاصيل الآداب العامَّة وقواعد زيارة الآخرين، ثم تعرج بالباب الرابع على: قضايا جوهريَّة 12 من النقاط في التواصل والحوار الإيجابي وهي قواعد عامة للسلوك الفردي والأسرى.. أما في الباب الخامس: فتناقش آداب الطريق والقيادة واستخدام الهاتف، لتختتم هذا الكتاب الجاد والهادف والأخلاقي لبناء الأسرة والفرد بموضوع 
عن الشخصية المغناطيسيَّة وصفاتها..
إنَّ البناء الأسري السليم مسؤوليَّة الجميع ليعيش الإنسان بسلام واطمئنان. لقد أكدت الدكتورة ليلى شمس الدين بمقدمتها ص 9: “تحكم علاقتنا الإنسانية 
وتأسرها سمة الاحترام. ولتحقيق هذا الهدف نعتمد من دون أنْ نشعر دليلاً يحكم سلوكنا الاجتماعي طبقاً للمعيار التقليدي المعاصر في مجتمعاتنا، وهو، وبالتالي، يعكس رمزاً أخلاقياً داخلياً يتكون من خلال تصرفاتنا”.