أحمد حسين
حل العام الدراسي الجديد كلياً، عام مختلف عن غيره من الأعوام، وبالرغم من أن العام الذي سبقه شهد تعطيلاً اجبارياً للدراسة في المحافظات الوسطى والجنوبية حصراً، بسبب «جحافل» المندسين بين صفوف الانتفاضة التشرينية، بينما سارت العملية الدراسية بشكل طبيعي في المحافظات الغربية وإقليم كردستان، إلا أن هذا العام شهد تعطيلاً من نوع آخر بسبب كائن «مدسوس» اسمه فيروس كورونا.
تعطيل الدوام المدرسي ليس بجديد على العراقيين فمنذ ابتلائنا بحزب البعث المتخلف في العام 1963 شهدت البلاد الكثير من هذه التعطيلات جراء الحروب والكوارث التي حلت بنا، إلا أنها كانت محدودة زمانياً أو مكانياً، باستثناء عاميّ 1991 و2003 اذ تعطلت الدراسة بجميع مراحلها في عموم
البلاد. الآن عاد التلاميذ إلى المقاعد الدراسية لكن ليوم واحد في الأسبوع لكل مرحلة دراسية لضمان إجراءات التباعد الاجتماعي وهو إجراء جيد يطمئننا على أطفالنا، بينما فضلت الكثير من الاسر عدم زج أطفالها في هذه المغامرة وتعهدت أمام إدارات المدارس بأنها ستتولى تدريسهم في المنزل وإحضارهم في أيام فقط، والأمر لا يختلف كثيراً بالنسبة للاسر التي انخرط أطفالها في الدوام، فهي الأخرى ستتولى أيضاً تدريس أطفالها في المنزل.
السؤال هنا، هل ان جميع الآباء والأمهات مؤهلون لتدريس أطفالهم، ربما بإمكانهم تدريس مادة واحدة أو اثنتين، لكن هل الجميع لديهم ثقافة موسوعية لتدريس: اللغة العربية، والإنكليزية، والرياضيات، والإسلامية، والاجتماعيات، والعلوم، والفيزياء، والكيمياء، والأحياء، هل حقاً يوجد مثل هكذا شعب على مستوى العالم يستطيع جميع أفراده تدريس المواد الأدبية والعلمية؟، إذن ليس أمامنا سوى الدروس الخصوصية التي ازدهر سوقها بقوة، فهل التفتت الجهات المعنية لهذا
الأمر؟.
أنا لا انتقد قرار وزارة التربية، فدول العالم أجمع وجدت نفسها أمام أربعة خيارات فقط، أما تعطيل الدراسة لحين القضاء على الوباء، أو فتحت أبواب المدارس بشكل طبيعي مع الالتزام بالإجراءات الوقائية، أو الدمج بين التعليم عن بعد والحضور الصفيّ المحدد، أو الدوام ليوم أو أكثر في الأسبوع، لكن هل الأطفال في جميع دول العالم لا يختلطون مع بعضهم البعض لممارسة ألعابهم وهواياتهم، ألا يختلطون بالآخرين في الأسواق والمتنزهات والشوارع، كورونا يثير الكثير من الأسئلة التي لا إجابات لها على ما يبدو؟.