الانتخابات المقبلة والفوضى النائمة

آراء 2020/12/06
...

 ا.د.عامر حسن فياض
وجدت الانتخابات لتحقيق التوازن في التمثيل والمساواة في الترشيح والحرية في التصويت .. وتلك هي المدخلات لجسد سياسي متعاف كدولة او لجسد سياسي يريد ان يصبح دولة مثل العراق !!
نعم ان العراق ، حتى الان ، عبارة عن كيان او مجموعة كيانات سياسية يحتاج كثيرا ويسعى قليلا للانتقال الى دولة وان الانتقال الى عراق الدولة المنشودة هو البوصلة التي ينبغي ان تتوجه اليها وبها ومن اجلها جميع الفعاليات والافعال وجميع الاقوال والاجتهادات وجميع كل الاجراءات والبرامج السياسية بما في ذلك التشريعات وعلى رأسها قوانين تنظيم الانتخابات التي يفترض ان تسن ، على الاقل ، من اجل خدمة توازن المكونات على مستوى العراق وان لم يكن ذلك فعلى مستوى التوازن بين المدن ( المحافظات ) كما هو حال توزيع الدوائر الانتخابية المتعددة للعراق وفق القانون السابق اذ ان العراق كان موزعا بين 18 دائرة انتخابية بواقع دائرة انتخابية لكل محافظة من محافظاته . بيد ان الذي حصل و من دون تعداد سكاني وتحت يافطة (معيار الكوتا النسائية)  الغريب عن المنطق والمزيف للوعي تم توزيع الدوائر الانتخابية بطريقة هشمت كل محافظة تهشيما عشوائيا  الى مجموعة دوائر اننتخابية . لننتظر وسنرى ان هذا المعيار غير المنطقي في جوهره لعدم صلته بالمعايير الدولية المعتمدة لتوزيع الدوائر الانتخابية ، وان الانتخابات المقبلة ومخرجاتها ستكون الابعد عن تحقيق التوازن والاقرب الى تحقيق الفوضى بأنواعها الصاحية (فوضى الجهوية المكوناتية القومية التعصبية والدينية الطائفية) والغافية (فوضى الجهوية المناطقية) والنائمة (فوضى الجهوية القزمية على مستوى الاقضية والنواحي والازقة) ! والاسباب الداعية لتوقع الفوضى كثيرة وابرزها :- 
_ ان الانتخابات المقبلة ليست انتخابات محلية لتمثيل المحافظات والاقضية والنواحي بل انتخابات عامة وطنية لتخريج ممثل اتحادي منتخب لمجلس نيابي عراقي 
_ ان النواب في وظيفتهم التشريعية والرقابية هم نواب العراق الاتحادي وليس نواب مجالس     نواحي او اقضية او محافظات   
_ ان التمثيل المحلي على مستوى النواحي والاقضية والمحافظات غير ملغي لكي نخاف فقدانه و نعيد احياءه    على مستوى اتحادي ويكون بديلا للتمثيل النيابي والاتحادي المنتخب .    
فمن يدعي انه حريص على تبليط شوارع ناحيته او قريته او زقاقه فتلك وظيفة مجالس اخرى   لا وظيفة مجلس النواب الاتحادي .
_ نعم التصويت فردي في جميع انواع النظم الانتخابية لكن الترشيح موزع ما بين فردي او ضمن قائمة .. ونعم ان الدوائر الانتخابية متعددة في النظام الفردي وقد تكون متعددة ايضا او    دائرة واحدة على مستوى الوطن في نظام القائمة ولكن هذا لا يعني ان النظام الفردي يشترط    فقط ان تكون الدوائر الانتخابية المتعددة دوائر صغيرة بل المهم ان تكون متعددة ، وان الدوائر الانتخابية في الانتخابات السابقة ، وان لم تكن فردية الترشيح ، فانها كانت دوائر متعددة ولكنها على مستوى المحافظات وقد بلغت 18 دائرة انتخابية اي انها كانت متعددة في    ظل نظام ترشيح القائمة لكنه تعدد معقول ومنطقي طالما ان التعداد السكاني لم ينجز بعد ، وان عدم انجاز التعداد السكاني يعني ان اعتماد اي معيار لتوزيع الدوائر سيكون فاشلا وسيعزز تهميش وتقسيم الولاء من ولاء للمحافظة الى ولاءات قزمية جهوية مناطقية ضيقة تبشر بالفوضى في العمل البرلماني القادم . 
_ ان من يتحجج بأن النظام الانتخابي الجديد استطاع الغاء نقل اصوات رئيس القائمة الى المرشحين ضمن القائمة وبالعكس نقول ان هذا الالغاء كان ممكنا حتى لو لم يعتمد النظام الفردي في الترشيح فالامر يتصل بالية احتساب الاصوات وتوزيع المقاعد بين المرشحين وبالامكان الغاء آلية الانتقال والترحيل تلك حتى لو كان النظام الانتخابي يقوم على القائمة وليس فرديا .
_ ان الجدل في سن القانون قد ينتهي بيد ان المشكلات لم تبدأ بعد لان النتائج ستكون خاطئة طالما المقدمات خاطئة وحيث لا وجود للتعداد السكاني ولا اكتمال لنصاب المحكمة الاتحادية فان المطالب المحلية الصغيرة سوف تتفجر لتحويل الانظار عن القضايا الوطنية الكبيرة.