سعد العبيدي
في عموم المناطق التي احتلتها داعش في غفلة من الزمن وقصور من أهل السياسة، تعاملت مع السكان المحتلين بأساليب غريبة لم تكن موجودة أو مطبقة حتى في سني الظلام التي مرت
بها الأديان، جمعت آلات الموسيقى وأعدمتها مثلما تعدم البشر أو بالسهولة نفسها، أطلقت عليها تسمية مزامير الشيطان، حَرمّتْ العزف عليها ومنعت الغناء بعده غواية الشيطان، استمرت في منعها ومحاربتها سنين، وفي اليوم الأول الذي غادرت فيه الموصل والرقة وغيرها من المدن والقصبات ظهرت تلك الآلات أو ما تبقى منها وتشكلت فرق عزف وأعيد وقع الغناء، وتبرأ الشيطان من علاقته بالموسيقى والغناء، ومع هذا لم يدرك الدواعش وغيرهم من المتطرفين أن الانسان بحاجة الى الموسيقى والغناء لأغراض التأمل والتخفيف من ضغوط الحياة التي تلازمه من يومه الأول في الحياة الى آخر يوم، ولم يدركوا أن تعاملهم الشاذ هذا مع الفن بكل أشكاله دفع الناس الى التحشد بالضد من تواجدهم وعجل من هزيمتهم
المحتومة.
الغريب في الأمر أن المتطرفين من جميع المذاهب والأديان لم يدركوا النهايات الحتمية للوقوف بالضد من رغبات الانسان وحاجاته الملحة للعيش بقدر من الرضا والأمان، إذ لاحظنا في الأسابيع الأخيرة نزول جماعات الى شوارع بغداد تدعي الالتزام الديني بشرائع الإسلام، هاجمت محال بيع خمور مجازة من قبل الدولة،
وأماكن مساج، ضربت العاملات والزبائن بالهراوات كما فعلت داعش جلداً ورجماً لأصحاب المزامير، هذا وإذا ما اسقطنا من الحساب دوافع الفساد ودفع الاتاوات في هذا الفعل الشاذ، فإنه يؤشر أن التطرف في جميع المذاهب خطر على الدولة والمجتمع، قد يدفع الواقفين في الوسط والجالسين على التل الى التحشد ضد التطرف وربما السير في طريق العنف ذاته، عندها ستحدث صدامات تقرب المجتمع من حافات
الانهيار.