قحطان جاسم جواد
بين عالمي المسرح والرواية تشابه كبير وفوارق ايضا، لكنهما في كل الاحوال يبنيان على ثيمة مشتركة هي الدراما وكذلك في لبنة اساسية هي اللغة،اي ان الاثنين يتخذان من الفاظها مادة لهما، وهما يصوران حياة أناس آخرين يأخذوننا الى المدى البعيد، ويشدوننا الى عوالمهم الساحرة. وقد سبق ان تحدثنا عن التشابه بين المسرح والرواية، لكنني اليوم ساطرق باب الاختلافات بينهما.
في المسرح يكون زمن التلقي آنيا اي مرتبط بزمن التلقي للعرض المسرحي، في حين المتلقي في الرواية يقرأ في اي وقت يشاء وبإمكانه التوقف او تأجيل القراءة، ليوم آخر أو زمن آخر يحدده في مقبل الايام،ويمكن ان يحصل ذلك لعدة مرات، اما في المسرح، فإن التلقي ينتهي مع نهاية العرض، بحيث ان المتفرج اذا غادر العرض لاي سبب وعاد بعدها او تحدث مع اخرين ستضيع عليه خيوط المسرحية او ربما يتفاجأ بأحداث جديدة.
في المسرح يكون المؤلف مقيدا بعدم الاسهاب وكذلك يتطلب التكثيف بحكم فترة العرض المسرحي المحدودة، في حين نجد أن الروائي يستطيع الاسهاب في مشهد واحد او وصف شخصية ما بعدة صفحات.في المسرح يكون بناء الشخصيات والاحداث غالبا عبر الحوار على لسان الشخصيات، وليس عن طريق السرد او الراوي كما في الرواية حسب الدكتورة ملحة عبدالله.
كاتب المسرحية يجب ان يمضي سريعا نحو الهدف دون عرقلة، على عكس كاتب الرواية، الفرق بينهما كما يقول توماس اوغسطس كالفرق بين الفعلين (كان.. ويكون)، فكاتب الرواية يسرد ماقد كان كما كان ويصفهم كما كانوا، اما في المسرحية فثمة شيء يحدث (هنا والان). في المسرحية حوار الفعل الحاضر في حين في الرواية فسرد كماكان فعلا ماضيا، في المسرحية يمكن للمؤلف ان يعدل مسارا ما في المسرحية بين الفصلين، في حين يتعذر على الروائي فعل ذلك لعدم وجود العلاقة الحية بين المتلقي والمؤلف، في الرواية يكون المتلقي فردا واحدا ويمكن ان يتحكم بانفعالاته المتعددة، اما في المسرح فالتلقي يكون جماعيا يمكن ان يضحكوا او يبكوا حسب اجواء العرض المسرحي.
الجمهور في المسرح عنصر مهم واساس او كما يقولون لامسرح بلا جمهور، في حين ان ذلك مفقود في الرواية، اي ان الفعل في الرواية غائبا في حين في المسرح اننا ننظر من مكان النظارة لأناس موجودين يتحركون على خشبة المسرح.