قاسم موزان
لماذا تخيم أشباح التراشق اللفظي والكلمات النابية الخادشة للحياء في فضاء حياتنا، وتلقي
بعتمتها الخانقة على مسامع الناس واحتكار الاماكن العامة وحجزها لترهات المتراشقين الفجة وحركاتهم الصبيانية، وهذا يشبه التنمّر على الآخر من دون رادع أخلاقي يضبط سلوكهم، ولم يعد المتراشقون يخجلون من سوء ما يطلقون من عبارات قاسية تجاوزت الخطوط الحمراء للذوق، خصوصا عند مرور الناس سواء أكانوا نساء او رجالا، ونرى في اعينهم وحركات ايديهم المستنكرة علامات التعجب والاستغراب من تصرفاتهم النزقة التي لاتقرها الاعراف
والتقاليد السائدة في مجتمعنا، الكثير من المارة يستدعي من ذاكرته القيم
النبيلة واخلاقيات المحيط الاجتماعي في الماضي وحسن التعامل مع الآخرين ومقارنتها بالواقع الحالي للسلوكيات المنفلتة من ضوابطها
باتجاه ترسيخ مفاهيم وانحرافات مؤلمة، المنزعجون من تصرفات اولئك يشيرون الى انهيار المنظومة
الاخلاقية التي تسببت بهزات عنيفة داخل البنية
المجتمعية بعد التغيير بتلميح لا يخلو من البراءة، فضلا عن الرد المتهكم في السلام او
اهمال الآخر وعدم الرد عليه، ولعل استخدامهم الهاتف الخلوي بصوت عالٍ مقزز
من جملة ما يقومون به للفت الانتباه اليهم بهذه الطريقة المعيبة.
تلك الظاهرة وغيرها باتت تهيمن على تفاصيل الحياة اليومية، ولا تزال تزداد
عنفا لفظيا يوما بعد اخر، وتتسع رقعتها على
نحو مقلق لجيل يكاد
يفقد توازنه واستقراره
النفسي، ولم يعد مترامو العنف القاسي يعيرون المجتمع
وآدابه أي اهتمام، ومن دون
أدنى مراعاة لقيم مجتمعية سائدة وما زالت الاغلبية الغالبة تحرص
عليها.
السؤال هو، أين تكمن مشكلة الانفلات اللفظي لدى الكثير؟، هل تكمن في التربية داخل الأسرة؟، لا سيما أن الشخص مرآة تربيته ويعكسها بالاسلوب الذي يختاره، أم أنه نتاج محيطه الآني الملتبس بالمشكلات المعاصرة، أم أن قتامة الأجواء تدفعه للنزوع نحو الغرائبية والانسلاخ من المجتمع بعقوبات مكثفة وسريعة، ما يستدعي دراسة سايكولوجية واجتماعية للوقوف على الاسباب المسكوت عنها.