المقارنة.. أسلوب خاطئ يؤثر سلباً في الأبناء

اسرة ومجتمع 2020/12/11
...

  بغداد : نورا خالد
تستخدم الكثير من الأسر في تربية أبنائها أسلوب المقارنة في ما بينهم، او بينهم وبين أقرانهم من الأقارب والأصدقاء بدافع تشجيعهم على رفع مستواهم الدراسي وتحسين سلوكهم، الامر الذي يعده المختصون في علم النفس أسلوب تربية خاطئا، يؤثر سلبا في الأبناء.
د.أحمد عباس الذهبي اختصاص علم النفس أشار في حديثه لـ «الأسرة والمجتمع»، الى ان «الطفل عندما يتعرض للمقارنة يبقى مترددا باتخاذ القرارات، بسبب خوفه من الفشل كما انه سيفقد ثقته بنفسه، فالمقارنة غالبا ما تخلق غيرة  بين الأشخاص خصوصا بين الأخوة».
واضاف «المقارنة تهدم بناء الذات لدى الابناء، ويكون الاهل السبب في  الامراض النفسية لديهم لذلك يجب أن نقارن الشخص بنفسه وليس بالآخرين».
أثبتت الدراسات أن الأطفال الذين يتعرضون للانتقاد المستمر والمقارنة مع الآخرين من قبل الأهل يكونون أقل نجاحا في حياتهم مستقبلا.
تقول نبأ علي طالبة في الصف الخامس الاعدادي بألم: «فقدت الثقة بنفسي واصبحت لديَّ ردة فعل تجاه الدراسة بسبب مقارنة اهلي بيني وبين ابنة جيراننا المتفوقة دراسيا، فبعد ان كانت صديقتي ابتعدت عنها وتولدت لدي مشاعر الكره والحقد والغيرة تجاهها، وما زلت اعاني من عقدة المقارنة مع الاخرين رغم محاولاتي الكثيرة للتغلب عليها وبناء شخصيتي من جديد بمساعدة عدد من الصديقات». 
ويُبيّن الذهبي أن «كل شخص لديه نقاط قوة وضعف والأجدر بالأهل أن يعملوا على تعزيز نقاط القوة والتشجيع على مواجهة نقاط ضعفه والتغلب عليها من دون وضعه في موقف مقارنة بينه وبين أي شخص آخر، فمن ستراتيجيات التربية هي محاولة الأهل التركيز على الصفات التي يتميز بها الابن فمثلا بدلا من التركيز فقط على التفوق الدراسي يجب النظر الى المواهب الأخرى كالفنون والرياضة ومهارات الحاسوب واكتشاف مواهب الطفل وتعزيزها بما يعزز ثقته بنفسه، وفي ذات الوقت العمل على معالجة نقاط الضعف من دون مقارنته مع أي شخص».
 
العداء والتنافس
وعن تأثير المقارنة يوضح د.سعد مطر عبود اختصاص علم نفس انه «بسبب ضغوط اجتماعية أو اقتصادية، يتهدد كيان الأسرة وينعكس هذا التدهور على العلاقات الأسرية، فتبرز التناقضات في السلوك والتموجات في الوعي والاضطرابات في القيم ويبدأ الصراع بين الأبناء على المتطلبات الذاتية والمصالح الضيقة، خصوصا إذا تربى الأبناء على أسلوب تربوي خاطئ كالدلال والافراط فيه لغرض الحماية الزائدة أو التفضيل بين الأبناء على أساس ذكوري اي تفضيل الذكر على الأنثى أو الاهتمام بأحد الأبناء دون الآخر، هذه الأساليب التربوية الخاطئة تدفع الأبناء المهمشين للبحث عن ذواتهم وينشأ العداء والتنافس بينهم للتقرب إلى الأبوين أو الحصول على الحظوة لديهم وقد يضمر بعضهم الحقد والكراهية لاشعوريا للآخر».
واحتاج مهند شاكر لفترة طويلة من اجل استعادة ثقته بنفسه بعد ان فقدها بسبب الكثير من المقارنات بينه وبين أخيه، اذ يقول شاكر «كنت اشعر اني شخص غير مرغوب به وفاشل من كل النواحي»، مستدركا «اعد نفسي الان ناجحا بكل المقاييس بعد ان استطعت التغلب على شعور النقص الذي تولد لدي نتيجة تلك المقارنات». ويؤكد مطر أن «دور الأهل يتضمن توفير الحماية لابنائهم وتشجيعهم ودعم الخصائص الفردية المميزة لكل طفل من دون مقارنته مع الغير».
 
دراسة
يذكر أن دراسة كندية حديثة قام بها باحثون من جامعة تورنتو وجامعة ماكستر ونشرت في مجلة تنمية الطفل اشارت الى ان معاملة احد الاطفال بشكل سلبي وتمييز طفل عن آخر لا ينعكس بالسلب على الطفل الذي يعامل بشكل سيىء فقط ولكن تمتد آثاره لبقية الاطفال في الأسرة، ورصدت هذه الدراسة ايضاً ان الآباء الذين يتعرضون لضغوط نفسية هم في الغالبية يميلون الى معاملة الاطفال بشكل مختلف بعضهم عن بعض.