لكل نص كواليسه، أسراره وخفاياه، دروبه السردية رموز شخصياته، بصمات كاتبه، عذابات ليالي الكتابة الطويلة، معضلات لم يعرفها أحد غير الكاتب ذاته، مشاكل تقنية وفنية وفكرية وأسلوبية وحتى لغوية، أسوق هذه
المقدمة لأدخل في واحدة من مشاكل رواية (تابو)، فصل الشيطان واعترافات شيطانة الحواس، والتمهيد بأن الشيطان ينتج جمالاً على عكس النظرة التقليدية المأخوذة عليه عبر الأديان وهو الذي يقولون إنه كان طاووس أهل الجنة وصارت بعض الديانات تقدسه اتّقاء لشره
ورعبه، إذن فهو كائن مرعب ومخيف رغم ما يرسمه البعض بأنه طاووس جميل الهيئة، والشيطان يكمن في الإغواء ولكن أي إغواء ربما هو إغواء معرفي وجمالي، لهذا ترى الأدباء والفنانين يعقدون الصلات والصفقات مع الشيطان، بل
ويدخلونه الجنة كما فعل (هنري ميلر)، ليبتدئ (دستويفيسكي) بشيطانه، ونجيب محفوظ حين يجعل شيطانه يعظ واجاثا كريستي تجعل له زوجة أما (ميخائيل بولغاكوف) فجعل الشيطان يزور موسكو في واحدة من اعظم روايات القرن المنصرم، ثم يرتقي الشيطان ليصعد فوف التلال في ثلاثية (بافيزة) الشهيرة، (والشيطان امرأة) لـ (هاندي ألتايلي) ورواية (معسكرات الشيطان) لـ (ياخيم توبول) (ومتاهة ابليس) للكاتب العراقي برهان الشاوي، اذن روايات الشيطان مستمرة ولا أعتقد أنها ستنتهي طالما بقيت الحياة على الأرض، أنا قلت في رواية (تابو) إن الشيطان هو الحاكم الفعلي لهذه
الأرض، يستدرج المبدعين لعقد صفقة بيع الأرواح مقابل المال والشهرة والجمال، كما في (صورة دوريان جراي)،
لا أريد من الأصدقاء والمتابعين والقراء الكرام لرواية (تابو) ان يتعاطفوا مع الشيطان المطروح في الرواية كما
صرح بعض الأصدقاء، بل وثمة من صرّح غاضبا ليقول انت جعلت
الشيطان مصدر الجمال فماذا ابقيت لله.!! ؟.وأنا أقول حاشا لله، لأن الشيطان هو مصدر الشر المطلق والله هو مصدر الجمال والخير، أما ما تسمعون من حوارات ونقاشات في الكواليس وبين الأصدقاء فلا تعولوا عليها كثيرا، العبرة بالنص وإذا كنت وقعت في سوء فهم وإلتباس قصد فإن الجزء الثالث من (ثلاثية ايروس) ستوضح المعالم الحقيقية للشيطان الذي يحاول تدمير جمال العالم وتشويه الأرواح وقتل الروح الحرة للفنان والمبدع كما يفعل الطواغيت والأنظمة.
الدكتاتورية، إذن فحين نكتب لا نكتب بروح الملائكة ولا بقصدية الشياطين إنما نحن بشر نسهو ونغلط وووو وهنا تأتي عظمة الانسان الذي يخطئ ليتدارك نفسه في تصحيح الأخطاء والعودة من جديد الى وعيه ونضجه وقدرته على تجاوز شياطينه وملائكته ليحتفظ بآدميته التي تحفظ لذاته قدرتها على الحب وصنع الجمال
والخير.