التقدير الصحيح لمزاج الناس يجنب الإحراج

اسرة ومجتمع 2019/01/26
...

يونس جلوب العراف
في الحياة اليومية نرى ان بعض الناس لا يدركون ان الإنسان ليس دائما في مزاج جيد ولديه مشاكله التي تجعله في مزاج متعكر، فيلحون في المزاح معه ما يجعلهم في موقف محرج عند وصول المقابل إلى مرحلة فقدان الأعصاب متناسين ان التقدير الصحيح لمزاج الناس ينجي من الإحراج فهناك بعض العوامل المؤثرة في تكوين الشخصية والتي ينبغي الالتفات إليها ومراعاتها لما لها من دور في معرفة شخصية الفرد وفهم صفاته وكيفية التعامل معه فالاحترام يبدأ بالنفس ويمر إلى الغير عبر بوابة فهم المقابل بصورة صحيحة .
مجتمع متنوع
يقول الدكتور طارق منصور (اختصاص علم النفس): من المتعارف عليه إن الإنسان يعيش داخل مجتمع متنوع لذلك عليه مسؤولية التقدير الصحيح لمزاج الناس الذين يعيشون من حوله فالتصرف الصحيح ينجيه من الإحراج أمام الآخرين.
واضاف ان الحياة عبارة عن تجارب ومواقف والإنسان يتوسع في علاقاته ويبني علاقاته الشخصية والخارجية من تجارب ومواقف عاشها خلال ظرف معين وتنعكس عليه التعاملات سواء إيجابياً أو سلبياً لأنها تعتمد بالدرجة الأولى على تكوين شخصيته في ذهنية الطرف الآخر وذلك من خلال مروره بمواقف ومبررات تكون سفيرة له لدى فكر وذهن الآخرين الذين يكونوا لديهم نظرة عليه ولكن على حسب توجهاته وطريقة تعامله مع الآخرين .
وتابع ان الظروف هي من تمنح الشخصية مظهرها العام الذي يقاس عليه إذ لا تقتصر الشخصية على المظهر الخارجي للفرد ولا على الصفات النفسية الداخلية أو التصرفات والسلوكيات المتنوعة التي يقوم بها وإنما هي نظام متكامل من هذه الأمور مجتمعة مع بعضها ويؤثر بعضها في بعض مما يعطي طابعاً محدداً للكيان المعنوي للشخص .
 
الصفات الوراثية
يرى الدكتور محمود الهاشمي (استشاري أمراض نفسية ) ان البيت هو ما يعكس تصرفات الانسان وغالبا ما تكون الشخصية المضطربة هي نتاج عدم وجود الاستقرار الأسري في داخل البيت وذلك الاستقرار له دور كبير في ذلك فكلما كانت الأسرة أكثر استقراراً صار الفرد فيها أكثر أمناً وطمأنينة وثقة في نفسه والعكس صحيح .
واضاف  ان هناك العديد من العوامل المؤثرة في تكوين الشخصية  مثل عامل الوراثة التي لها دور مهم  في إكساب الشخص بعض الصفات التي تؤثر في تكوين الشخصية ( العجلة ، البرود ، الكرم ، الجدية ، الدعابة )فضلا عن  المؤثرات الثقافية والاجتماعية مثل المعلومات والعادات والأعراف والتقاليد والقيم والمعتقدات ولذلك فإن المتأمل في واقع حياة الناس يجد لكل منهم شخصية مختلفة عن غيره ، ولكل منهم أسلوبه في التعامل مع الآخرين.
وتابع أن هناك عددا من العلامات العامة والخاصة الدالة على اعتلال الشخصية،فالعامة تدل على وجود علة ما في الشخصية والخاصة تحدد بمجموعها نوع اضطراب الشخصية (مرتابة-اعتمادية-انطوائية) وهو ما أكدته الدراسات المختصة بعلم النفس وهو ما يجب الانتباه اليه عند الحديث مع أي انسان  .
التحكم في الشخصية
الباحث الاجتماعي عبد الله محسن يؤكد ان الانسان هو من يتحكم في قيمته وشخصيته لدى الآخرين بتصرفاته وتعاملاته اليومية وهذا ما يجعل الشخص مسؤولا كل المسؤولية عن ما آل اليه الوضع من مكانة عند غيره فمن لم يحترم نفسه فلن يجد من يحترمه في الحياة بسبب ما يصدر منه من تصرفات خاطئة. 
واضاف ان الانسان يواجه في حياته إشكالات كثيرة ومتكررة في التعامل مع الآخرين والتفاهم معهم (كالوالدين والأولاد والإخوة والأخوات والأقارب والجيران وزملاء المدرسة أو العمل ) كما يواجه  صعوبات متكررة في التكيف مع الضغوط النفسية وضعف القدرة على مواجهة الأزمات والمشكلات (في البيت أو المدرسة أو العمل ) لذلك يجب وضع ذلك في الحسبان عند المزاح مع المقابل فليس كل انسان قادر على ضبط المزاج والعواطف أو في كميتها أو كيفيتها لأنه عندما يحاسب نفسه سيجد انه كان مسؤولا كل المسؤولية عن أقواله وأفعاله وتعاملاته مع نفسه ومع الغير.
وتابع أن خلاصة القول ان الانسان لكي يُحترم لا بد أولاً أن ينجح في احترام نفسه وعندما يحترم نفسه فسينجح في احترام الغير وسيجني بهذا احترام وتقدير الغير له لكن هناك نوعا من البشر فاقد حتى احترامه لنفسه وحتى إن نحن احترمناه وقدرناه لايرجع لنا هذا التعامل النبيل بل على العكس قد يصل حد الإساءة  لنا بطريقة أو بأخرى ففاقد الشيء لايعطيه لذا الاحترام يبدأ بالنفس ويمر الى الغير.
 
 السعي إلى الزعامة
يقول الباحث كريم ضاحي ان هناك الكثير من الناس هدفهم السعي إلى الزعامة والسيادة والسيطرة والقيادة والتمكن من تدبير الأمور مع الأنفة والاستنكاف أن يكون مرؤوساً  لأنداده وأقرانه وهؤلاء  يحاولون فرض آرائهم على الاخرين حتى وان كانت خاطئة وتكون في بعض شخصيته تميل الى المزاح الخشن من دون الاحتراس من ردات الفعل من الشخص المقابل   .
واضاف ان هناك من له القدرة على  المبالغة في التعرف على ما في نفوس الآخرين وما قد يخفونه عنه من الأمور المهمة وقد يتطفل على خصوصياتهم ويتجسس عليهم أو يحتال عليهم ليعرف ما عندهم وفي المقابل يميل هو إلى السرية والتكتم بدرجة مبالغ فيها ويتوهم أن المعلومات التي يخفيها قد تستخدم ضده يوما ًما على وفق مقولة (إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدق ما يعتاده من توهم).
ويؤكد ان للأسرة دورا كبيرا في النمو النفسي في المراحل المبكرة في حياة الإنسان لأنها البيئة الأولى التي ترعى البذرة الإنسانية بعد الولادة ومنها يكتسب الطفل الكثير من الخبرات والمعلومات والسلوكيات والمهارات والقدرات التي تؤثر في نموه النفسي إيجاباً أو سلبا حسب نوعيتها وكميتها  وهي التي تشكل عجينة أخلاقه في مراحلها الأولى لذا تراه كثير السعي إلى إثبات ذاته ووجوده أمام الآخرين من خلال المزاح او فرض الاراء على من يجالسهم من اصدقائه او زملائه الموظفين وغالبا ما يقع مثل هذا الشخص في احراج شديد عندما يرى ردة  الفعل العنيفة تجاه ما يقوم به من افعال تكون في اغلب الاحيان في توقيت غير مناسب نتيجة وجود خلل بارز في التصرفات والسلوك في النوع أو الكم (تصرفات غير لائقة اجتماعياً أو دينياً  او اندفاع في التصرف من دون تفكير مسبق.