أغاني الأطفال.. رسائل تربوية هادفة هجرها صنّاعُها

الصفحة الاخيرة 2020/12/14
...

نورا خالد  

تصوير: نهاد العزاوي

"هيلا يا رمانة، بلي يا بلبول، شدة يا ورد، اني وردة بيضة "، وأغانٍ اخرى كثيرة لاتزال نابضة بالحياة، تتكرر على ألسنة الأطفال منذ عشرات السنين، سواء في المدرسة او في البيت او الشارع، كان لها الاثر الكبير في ترسيخ مفاهيم وقيم تربوية للتسامح والسلام والتعاون وحب الوطن، كانت هذه الأغاني بمثابة الجسر الجمالي، الذي يوصل المعلومة العلمية أو التربوية بطريقة مبسطة ومحببة للطفل، وهو ما معمول به في الدول الاوروبية، التي تولي اهتماما كبيرا بتنشئة الطفل وتحفيز مخيلته للابداع، الا أن هذا النوع من الفنون غاب في السنوات الاخيرة، ما عده المختصون والباحثون في مجال ثقافة الأطفال تجاهلا، لأهمية فن مخاطبة الطفل الذي هو ركيزة المستقبل.

 
الشاعر والكاتب المتخصص في أدب الطفل جليل خزعل أشار الى أن " الموسيقى لها دورمؤثر في تربية الطفل وتنمية حواسه وذائقته الفنية والجمالية وقدراته اللغوية، فالعلاقة بين التربية والموسيقى علاقة وطيدة، تبدأ من المهد من خلال أغاني التنويمات، التي ترددها الأم لرضيعها وتكبر معه وهو يدخل الروضة،أو يخطو خطواته الأولى خارج المنزل، مشاركاً أقرانه في الحي ألعابهم ومرحهم الذي غالباً ما يبنى على الإيقاع، ويكون مصحوباً بأغانٍ عفوية يحفظها الطفل بسرعة شديدة، حتى تصبح جزءاً من ذاكرته وذائقته الفنية فيما بعد". 
عازيا انحسارها الى " جهل أصحاب القرار الثقافي والتربوي بأهمية أغنية الطفل،ما أدى إلى غيابها كلياً من البرامج الموجهة لمراحل الطفولة بكل مستوياتها، فهناك من ينظر إلى أغنية الطفل وإلى المشتغلين بها نظرة قاصرةً، ويعدها أغنية من الدرجة الثانية، متناسين دورها الكبير في التنشئة الاجتماعية، وتاثيرها في غرس مفاهيم الوطنية والانتماء، وترسيخ ثقافة الجمال والتسامح والمحبة، والحفاظ على البيئة والنظافة وهذا ما ينعكس على تحصيله الدراسي وحب الاستطلاع لديه، فهي تسهم في إعداد الطفل، وتكامله جسدياً وفكرياً ووجدانيا".
رئيس منتدى أدب الطفل في اتحاد الأدباء العراقيين الدكتور حسين علي هارف أكد ان " أغنية الطفل هي وسيط تربوي تعليمي، فضلا عن وظيفتها الاساسية وهي الامتاع الذي يحتاجه الطفل واشباع الحاجات النفسية والوجدانية والجسمانية له، وغياب هذا الفن الذي يجمع بين الموسيقى والشعر، سيسبب تصدعا في بناء شخصية الطفل".
مستدركا " الخلل الاكبر الذي يسببه غياب اغنية الطفل هو ان اطفالنا يسمعون أغاني الكبار، وهذا يلحق ضررا في ذائقة وسايكولوجية الطفل وسلوكياته، ويقتل الجانب الطفولي والبراءة في شخصيته".
ورمى هارف اللوم على المطربين بجميع مستوياتهم، لاسيما الكبار كونهم لم يهتموا او يغامروا ويطرقوا هذا الباب ربما لكون التفكير التجاري في أن أغنية الطفل غير مربحة تجاريا، لكن هذا لا يعفيهم من مسؤوليتهم كفنانين في أن ينتجوا بدلا من الالبومات الكثيرة، البوما واحدا للطفل، حتى وإن كانت اغنية واحدة في كل البوم ينتجه الفنان، ولو فعلوا ذلك لكان لدينا رصيد كبير من اغاني الطفل".
مطربة الاطفال الهام احمد اشارت الى انه " على الرغم من غياب الاهتمام بثقافة الطفل وعلى وجه الخصوص غياب البرامج الإذاعية والتلفزيونية وأغاني الأطفال، ظهرت بعض المحاولات من بعض المهتمين بهذه الفئة من المجتمع، ولكن من كان جادّا في مسعاه توقّف في بداية المشوار، لأنه لم يلق الدعم المادي من أصحاب رؤوس الأموال، لكي يدعموا مشروعه". واضافت احمد "اكتفت تلك الجهات باصدار بعض المطبوعات، متوهّمين أن هذا المطبوع او المطبوعين الفقيرين يغنيان عن كل شيء، فلاداعي للتلفزيون والاذاعة والمسرح وأغاني الأطفال والكتب، فهي لاتجدي ربحا بالنسبة لهم، متجاهلين عن عمد مسألة تنشئة الطفل التنشئة الصحيحة".
مؤلف ومخرج البرامج الخاصة بالاطفال ضرغام فاضل بين ان " الأغاني التي سبق وأن انتجناها بإمكانياتنا الخاصّة، وتعاونّا فيها مع عدد كبير من الشعراء، الذين يكتبون للطفل، حاولنا جاهدين أن ننشرها على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، في محاولة منّا لنشر ثقافة الطفل بشتى الطرق، كما حاولنا أن نتعاون مع عدد من القنوات التي تدّعي أنها مختصّة بالطفل، ولم نجد اذانا
 صاغية".