«الجوكر وليس بات مان» (2)

منصة 2020/12/14
...

 عفاف مطر
لا شكّ أنَّ الجميع يعلم من هو الجوكر، الجوكر هو الجانب المظلم والشرير في سلسلة أفلام بات مان. فيلم The Dark Knight أُصدر في 16 تموز 2008 بأستراليا، والمقصود بالفارس هنا طبعاً هو بات مان، أدى دور الجوكر في الفيلم الممثل الأسترالي Heath Ledger، والذي ولأول مرة على تاريخ سلسلة بات مان، يحصل على أوسكار ممثل مساعد، والجائزة ذهبت للجوكر الشرير وليس لبات مان البطل المنقذ الذي لم يحصل على أي أوسكار طوال السلسلة، ليس هذا فحسب، النجاح الذي حققه Heath Ledger لحساب شخصية الجوكر.
 دفع المنتجين لإنتاج فيلم للجوكر من دون بات مان، ليحصل Joaquin Phoenix على أوسكار أفضل ممثل وهو ما لم يحصل في تاريخ سلسلة بات مان أبداً، وليس هذا فحسب بل إنَّ هذا الفيلم كسر حاجز المليار
 دولار.
الأمر الأكثر غرابة والذي دفع علماء النفس الى تحليل هذه الشخصية وسر نجاحها أنَّ الجماهير الكومبارس في الفيلم ليست هي فقط من تعاطف مع الجوكر
 الشرير.
 بل الجماهير التي حضرت وشاهدت الفيلم. لماذا توجهت الجماهير من حب أبطال الخير مثل بات مان وسوبر مان وغيرها الى حب الجانب المظلم المتمثل في الجوكر؟ مع العلم أنَّ الكثير من الدراسات التي أجريت في أميركا أثبتت أنَّ 42 % من الناس تخاف المهرج، إذ لا يمكن لأي إنسان أنْ يحبَّ ويثقَ بشخصٍ ذي ملامح مبتسمة ثابتة طوال الوقت، فهذا ليس طبيعياً، كما أثبتت دراسات أخرى أنه من 19 % – 20 % لديهم فوبيا المهرج! إذنْ أين السر في نجاح الجوكر على مستوى عالمي وكسب تعاطف المليارات من
 البشر؟
أجريت دراسة على آخر إنتاج عشرين سنة في
 السينما.
 فلاحظ الباحثون أنَّ الناس في هذه الفترة تعاطفت مع أبطال سيئين غير الجوكر، مثل White Walten في فيلم Brwaking ومع Pablo Escobar في فيلم Maecos وTomas Shelby في فيلم Peaky Blinders وكلهم تجار مخدرات وقتلة، لكنَّ الناس تعاطفت معهم وأحبتهم وتمنوا ألا يُقتلوا أو يقبضُ عليهم.
في فيلم Brwaking عرض المخرج حكاية White Walten الذي تحول من أستاذٍ للكيماء الى تاجر مخدرات، ذلك أنه أصيب بالسرطان، فاضطر أنْ يتحول الى صناعة المخدرات ليؤمن احتياجات أسرته بعد وفاته، بالتالي وضعنا صناع الفيلم في موقع يُمكنُنا من رؤية الحياة من منظور البطل الشرير، فتعاطفنا
 معه.
 ويضيف علماء النفس أنَّ إسناد أدوار الشر الى ممثلين وسيمين يجعلنا نحب هؤلاء الأشرار، فكيف يمكن لنا أنْ نكره شخصية يؤديها براد بيت أو ليوناردو دي كابريو أو جورج كلوني..؟ يقول تولستوي: «إنه لأمر مثير للدهشة مدى احتمال الوهم بأنَّ الجمال هو الخير» وحسب نظريات فرويد في التحليل النفسي، إذا كان الشرير يحمل الوسامة والكاريزما ويستطيع الانتقام من أناس بعينهم أو من مجتمع بأكمله فإنه يحرر المشاعر الانتقاميَّة السيئة المكبوتة في داخلنا. 
وبالطبع الأمر ليس صحيحاً، فأحدب نوتردام والغوريلا في فيلم King Kong لم يكونا وسيمين أبداً بل كانا في قمة البشاعة.
في المقال المقبل سأورد المزيد من تفسيرات علم النفس، بعضها لا يفسر فقط حبنا للجوكر المريض بـ(الضحك المرضي) فحسب، بل ويهاجم بات مان المحب للخير ومنقذ البشريَّة.