{الكيمتشي}.. إشكالات معرفيَّة فولوكلورية

فلكلور 2020/12/16
...

 هناء حسين أحمد

من أقسام الفولوكلور المادية القسم الخاص بالطعام وأنواع الأغذية والمأكولات وطرق الطهي والتناول, لذا وجدنا أنَّ من الضروري الحديث عن (الهوية) الاجتماعيَّة والوطنيَّة في انتساب هذا النوع من الطعام لبلد دون سواه, أو مشاركة عدة بلدان في العصر الحديث في الحرص على هوية طعام تميزت به تلك البلدان.
وإذا كان أهل العراق قد تميزوا بالسمك المسقوف بوصفه أكلة عراقية, فإنَّ هذه الأكلة قد انتشرت في كل أرض وصلها أبناء الرافدين, ومثلما انتشر هذا النوع من الطعام بهويته العراقية, انتشرت الأطعمة الناتجة عن الباذنجان المتبل بالزيت والثومية والبرازق كأطعمة من سوريا وفلسطين ولبنان والأردن عموماً, بينما اختصت مصر أو اشتهرت بالملوخية بالأرانب.
وإذا كانت مصر في عيد (شم النسيم) تهتم بأكلة الفسيخ وهو السمك المجفف, فإنَّ الأخوة في القاهرة لا يدعون أنها ماركة مسجلة لهم, فقد عرف سكان الجنوب العراقي والخليج العربي أكلة (المسموطة) وهو السمك المجفف الذي يغلى شهياً بالماء ويقدم مع التوابل والطماطم أو من دونهما.
صراع الهويات حول الطعام يدور اليوم بين كوريا الجنوبيَّة والصين حول أكلة "الكيمتشي", وهو طعام يعتمد الكرنب (القرنابيط) أساساً له بعدة تشكيلات, المطهو والمخلل والذي تضاف إليه مواد أخرى, فقد كان الكوريون الجنوبيون وما زالوا يعتمدون هذا الطعام وتفرعاته أكلة وطنيَّة تشاركهم فيه كوريا الشمالية بحدود.
منذ سنوات قريبة دخلت الصين على الخط وزرعت القرنابيط بآلاف الهكتارات ليقوم الصينيون بطهي أكلة الكيمتشي بكل تفرعاتها ومنافسة كوريا في إعداد النكهات, والقيام بمعارض دائمة للطعام الصيني المتنوع وإبراز أكلة الكيمتشي كأكلة وطنيَّة.
هذا الصراع غير المعلن حول هوية طعام ما وأثره في المائدة لا يثير إشكالات سياسيَّة بل إشكالات معرفيَّة فولوكلورية بشأن هذه الأكلة التي تعشقها الملايين في الأرض الصفراء.