علي حسن الفواز
الارتفاع الغريب في سعر الدولار يكشف عن واقع اقتصادي هشّ، وعن تعقيدات تجعل من التعاطي مع « العملة الصعبة» رهينا بحدوث أيةِ أزمات اقتصادية او سياسية، أو حتى معلومات قد يُسرّبها البعض هنا أو هناك، ولأسباب تتعلق بالمضاربات السعرية والحصول على ارباح أكثر من سوق العملة، والسوق السوداء ومن الناس الذين يحتاجون الى الدولار في أعمالهم وفي مصالحهم.
الحديث عن استقرار سعر صرف الدولار بات من الأمور الحساسة، والتي تتطلب متابعة ومراقبة والى اجراءات قانونية، والى تدخلات من البنك المركزي لضبط تداوله، والسيطرة على منافذه، مثلما هي الحاجة لتدخل الحكومة الاتحادية بوصفها الجهة السيادية التي تمنع الاستغلال والاثراء، وتؤمّن المصالح والسياسات الستراتيجية للبلد.
ما كشفته الأيام الماضية عن اوضاع غير مسيطر عليها في سوق المضاربة، أثارت اسئلة شتى عن التداعيات الاقتصادية التي سيتركها سوء السيطرة على اسعار الصرف، وانعكاس ذلك على ارتفاع اسعار المواد الغذائية، وعلى الحياة المعيشية للناس وعلى حاجياتهم اليومية، لاسيما نحن نعيش واقعا استيراديا فرض مركزيته، وتوجهاته، وبالتالي فرض تحكّمه باسعار المواد التي يتم استيرادها، مقابل ضعف أي توجّه حقيقي لدعم وتشجيع المنتجات المحلية، الزراعية والصناعية، فضلا عن علاقة ذلك بطبيعة الواقع السياسي واشكالاته، والحديث عن الانتخابات والموازنة والرواتب واسعار النفط، وعن التظاهرات في اقليم كردستان وازمة رواتب الموظفين فيه.
ثمة من يقول إن هذا الارتفاع الغريب له اهدافه ونواياه، وهو ما صرّح به د.مظهر محمد صالح المستشار المالي لرئيس الوزراء بالقول: «إنها فقاعات وقتية تتأثر بشائعات المضاربين، لجني أرباح طارئة من فروقات السعر، وأن تصحيح سعر الصرف سيبقى من اعمال السياسة النقدية للبنك المركزي العراقي، وهو المصدر الوحيد للمعلومات».
هذا التوصيف يعكس جانبا من الخطورة، حيث يعمد بعض تجار العملة الى الترويج لهذه المضاربات من دون رادع، ويتركون الشائعات تبعث بمصائر الناس ومصالحهم، والذي يستدعي اجراء واقعيا، ليس على مستوى تأطير الصلاحيات البنكية وتصحيح السعر، بل على مستوى اتخاذ الاجراءات الرادعة بحق هؤلاء الذين تحولوا الى « قوة غامضة» في السوق والشارع، وفي التأثير على الاسعار الاخرى التي تخص المواد الغذائية والمنزلية وغيرها.