كلما خطت أقدامنا نحو أبنية المحاكم الشرعية، وجدنا فيها عشرات القصص والحكايات المجتمعية المؤلمة كثيرا، واخرى مفرحة تتعلق بعقد القران، لذا كانت اوراقنا تمتلئ بالروايات من اكثر الجهات تواجدا، وحضورا حينما تتعلق القضايا بعالمهم المهني، لكني سأبدأ بما سمعته منهن.
هي أرملة مهجرة منذ ستة اعوام، تدور قصتها حول حقوقها
الضائعة في دوائر العدل والمحاكم الشرعية مطالبة بها وبحقوق أطفالها من ارث الزوج بأموال أسرته، بعد أن رفض اهل زوجها اعطاء مستحقاتها، تشتكي من كثرة المراجعات للمؤسسات، التي تعتني بقضايا المرأة والإرث، وغالبا ما لاتكلفها مبالغ طائلة، وهي ام لثلاثة أطفال يعيشون في بيت ايجار ولا تحلم بأكثر من حسم دعوتها، لتتمكن من توفير عيش ملائم لها ولأطفالها.
وتقول (ع) انها تزوجت مبكرا «ولم توفق في ذلك الارتباط، اذ حلت المشكلات عالمها، بعد أن أنجبت طفلين، حضرت الى المحكمة بناء على طلب الزوج والموعد المقرر لقضيتهما للتداول مع الباحثة الاجتماعية بشأن إصلاح الأمر.
عشرات القضايا والملفات، تنتظر الحكم فيها بالمحاكم الشرعية، والاطفال غالبا ما يدفعون الثمن الاكبر من التأخير في حسم هذه الملفات.
الوقت والقانون
المحامي (حسن عودة) يوضح اهمية السقف الزمني لكل قضية تخص الاسرة، لاسيما المتعلقة بحقوق الزوجة او الأولاد، لافتا الى أن الجهل بالقوانين من اكبر الاسباب، التي تؤخر القضايا والدعاوى، حيث إن أكثر الزوجات لا يعرفن حقوقهن الا بعد الوقوع في خطأ اومشكلة زوجية، فعلى سبيل المثال جهل بعض الزوجات في تسجيل عقود الزواج او تثبيث مواليدهن الجدد
وغيرها الكثير، ما يسبب بحدوث المشكلات الاسرية، ويؤكد ضرورة الاستعانة بخبرة رجال القانون للتسريع في القضايا المؤجلة، الا أن بعض المدعين يطالبون بتأخيرها للاستفادة من الوقت، وهذا مشروع بالقانون على حد قوله، مؤكدا «أن جميع القضاة ملزمون بحسم الدعاوى، التي بحوزتهم، حيث يقومون
بإرسال احصائية شهرية لمجلس القضاء الاعلى بالدعاوى المنجزة وغير المنجزة، على أساسها يقيّم اداء القضاة شهريا، لذا يعد عامل الوقت عندهم من اهم الدوافع لحسم القضايا وتسريع خطواتها».
حسم القضايا
في دوائر العدل ينفون من جهتهم حصول تأخير في حسم القضايا المتعلقة بالازواج المنفصلين، واصفا العملية برمتها على أنها إجراءات تستوجب مجموعة مستمسكات وبيانات تخص كلا الزوجين من الضروري توفرها في الدعاوى المقدمة الى محكمة الاحوال الشخصية، التي تتعلق بقضايا النفقة والتفريق والحضانة، أي الشكاوى الخاصة بالخلافات الزوجية، و الكثير من القضايا لا بد وان تأخذ وقتا طويلا بسبب هذه الوثائق والمستمكات الواجب تقديمها لكل قضية، لا سيما قضايا النفقة التي تستلزم قضائيا احضار شهادات ووثائق تثبت وظيفة الزوج ومقدار راتبه ومستمسكات اخرى، واحيانا «كثيرة يؤخر الزوج احضار الوثائق لكسب مزيد» من الوقت .
وعن اجراءات تنفيذ الحكم في القضايا الاسرية اوضحوا أن القضية في دائرة التنفيذ لا تأخذ زمنا طويلا، لأنها دائرة تنفيذية مهمتها تنفيذ القرارات التي تصدرها محكمة الاحوال الشخصية والزام المدعي عليه في دفع ما يترتب عليه من حقوق لزوجته واطفاله من مبالغ او اثاث الزوجية او اية مستحقات اخرى بذمته، تلتزم الدائرة بتوفيرها للمدعية وضمان انسيابية حصولها على تلك الحقوق شهريا، وفي حال مماطلة الزوج في تنفيذ القرار الصادر بحقه تتخذ الاجراءات العقابية
اللازمة.
آثار خطيرة
الدكتور (عبد الكريم خليفة) استاذ علم النفس اشار الى الاثار النفسية، التي تسببها الخلافات الزوجية وقضايا الطلاق والنفقة والخلافات الاخرى والتي يكون الاطفال طرفا فيها
وتترك اثارها في حياة الطفل النفسية، لأنه غالبا ما يتردد مع امه على بنايات المحاكم الشخصية.
موضحا أن هذه الآثار لا تظهر مباشرة، لكنها تبقى احيانا مختفية داخل عقله الباطن وربما تدمر شخصيته مستقبلا، من دون ان يشعر بها حتى المقربون منه احيانا، لأنها تظل عالقة في ذاكرته واعماق لا وعيه، ويشير الى أن اية قضية اسرية حينما تصل الى ابواب المحاكم، فإنها بالتأكيد ستحدث شرخا كبيرا في الأسرة، وان الأسرة قد عاشت مشكلات اجتماعية قبل الوصول الى ابواب هذه المحاكم، وكل ذلك يترك آثاره النفسية في الطفل ، فيصبح ذا شخصية متذبذبة وضعيفة ومتناقضة سواء مع افراد اسرته او مع الاخرين من أقرانه، فضلا عن تأثيراتها الاجتماعية
التي ستكون خطيرة في حياته المستقبلية.