حميد طارش
يقول جان جاك روسو "إنّ الحرب لا تقع بين شخصين ولكنها تقع بين دولة وأخرى، والأفراد الذين ينغمسون فيها يصبحون أعداءً بمحض الصدفة"، فالحرب هي من أعمال الساسة وتقع بقرار منهم وأعتقدُ هم من روّجوا لمقولة "الحرب تعني فشل السياسة"، فهي ليست الفشل المجبرين عليه وانما وسيلتهم في (النجاح) للخروج من مأزق سياسي او احتلال اراضٍ او نهب ثروات دولة اخرى وما شابه، لذلك اتفق مع مقولة الالماني كارل فون كلاوزفيتز "الحرب هي ممارسة السياسة بوسائل
أخرى".
إذنْ هي ممارسة سياسية بشكل اقذر ماتكون عليه الاعمال السياسية بسبب ماتخلفه من آثار تتمثل بازهاق الارواح والاعاقة البدنية والاسرى وعمليات اللجوء والنزوح الجماعية وما يرافقها من ظروف صعبة في فقدان المأوى وسبل العيش الكريم والتسبب في اليتم والترمل والحاق الضرر بالممتلكات والبيئة والبنى التحتية وضياع فرص التقدم وهدر المال العام، وكما وصفت في ديباجة ميثاق الامم المتحدة بأنها "جلبت على الإنسانية .. أحزاناً يعجز عنها
الوصف". وتحت ضغط السياسة قال البعض من الفقهاء بمشروعية الحرب بوصفها إحدى مظاهر السيادة والاكتفاء بالدعوة الى أنسنة الحرب بموجب القانون الدولي الانساني، لكن كما هو معروف بان القوانين تكون صامتة في الحروب وان نطقت فإنها لن تخفف من اهوالها الّا الشيء النزير، وفي اعقاب دمار الحرب العالمية الثانية وتحت تأثير ذلك الرعب أنشئت هيأة الامم المتحدة التي تبنى ميثاقها حفظ الامن والسلم الدوليين وتحريم الحرب بوصفها وسيلة غير مشروعة باستثناء حق الدفاع الشرعي الذي استغل مع وسائل اخرى لحروب اهلية واقليمية فاقت اهوالها الحرب العالمية، والعالم يواجه اليوم الجيل الرابع من الحروب إذ يصفه المختصون "... ما علينا فهمه هو أن هدف الجيل الرابع من الحروب ليس الجيوش كما كان الحال مع الأجيال الثلاثة السابقة، وإنما الهدف هو تدمير المجتمع نفسه"، وهذا ماحصل للعراق ودول أخرى، فالقوة هي من تحكم العلاقات على المستوى الدولي والداخلي ويجب النضال من أجل أنْ يسودَ القانون بدلاً من
القوة.