حفل توقيع رواية «مسرات سود»

ثقافة 2020/12/19
...

 بغداد: مآب عامر
 
استضافت دار الشؤون الثقافية العامة - وزارة الثقافة والسياحة والآثار، في جناحها المشارك في معرض العراق الدولي للكتاب دورة الشاعر مظفر النواب، حفل توقيع الطبعة الأولى لرواية (مسرات سود) للناقد علي حسن الفواز، بحضور كبير من الأدباء وزوار المعرض.
ووقع الفواز خلال الحفل جميع النسخ المتبقية من الرواية التي نفدت جراء الاقبال الكبير عليها من قبل رواد المعرض، بحسب مدير الدار الدكتورة رهبة اسودي 
حسين.
وتعد رواية (مسرات سود) الأولى للفواز الذي يدخل عبرها إلى زاوية جريئة ومسكوت عنها في عوالم المثلية لدى الشخصية المتمثلة بسجان يبتعد عن المعنى الوجودي والأخلاقي في تعامله مع السجناء واضطهاده لهم.
لكن هذه العوالم ليست موضوعاً للتساؤل، ببساطة لأن السجون في النظام السابق بالضبط هي تلك الأماكن التي تمزق الذات.. الذات والذكريات، وخاصة المتعلقة بالحدود الجسدية لتجارب السجناء.
قد تكون الصعوبة الأكبر التي قد يواجهها البطل هي في علاقة غير مستقرة بين الجسد والذاكرة في سجن يحدد من خلال التعذيب الجنسي قدرة السجين في التفكير أو الإحساس. 
وهو ماقد يلمس القارئ صراحته عبر مقطع من الرواية: (فكثيراً ما صار لغزوات لياليه البهيجة قصص وحكايات غريبة، البعض ادّعى مشاهدته وهو يداعبُ ما يشبه يداً ثالثة له، وبعضهم قال: إنّ هناك أفعى كان يُخبئها تحت ملابسه لها صفات وعلامات سحريّة غير مألوفة، ومنهم من رآه يحكي معها أحياناً، وكأنها كائن آخر يشاطره جسده، أو أنها – فعلاً- يد أخرى تساعده على إنجاز مهام سرية من الصعب على الآخرين تخيل جنونها وعبثها). 
كما إن مثلية السجان كانت تنتهي بعدم التوازن.. وهذا الاختلال الصارخ شكل تهديدا لحياة البطل الذي أسقطه الفواز عبر أحداث الرواية في خضم صراعات نفسية واجتماعية، خاصة بعد انقلاب حياته من زير نساء متفاخر وعاشق «شديد الفحولة» لمجرد ذكريات منسية، حين يقول: (البحث عن ثقوب الذاكرة قد ينفع، مثل التاجر المفلس الذي يبحث في دفاتره العتيقة، ربما التقط وجها هاربا، أو كلاماً عابرا، أو صورة غائمة من يوميات العائلة، أو من الشارع والمدرسة، أو من ليالي المسرات، كلامها المخلوط بالتأوهات والهذيانات، فأنا أعيش وقتا عدميا، الرأس فارغ والجسد هامد، واسفلي مبلول مثل خرقة باردة، وحتى بعض كلمات صديقي المثقف تاهت هي الأخرى، مثل توهان مصيره الذي لا أعرفه، ربما اصطاده سجانون آخرون، وأودعوه في سجون سرية أخرى كالتي يوزعها الزعيم الأبيض على أرض الوطن الذي لا بياض فيه).
وفي مقطع آخر من الرواية، نقرأ: (يضحك الرجل أمامي كأنه يوهمني بأني ارتكبت خطيئة ما. 
– وهل كنت تصدق حكاية يدك الثالثة؟ أتلعثم، أو أتوهم أني أصبت بخرس غريب وأن ذاكرتي صارت مثل كيس مثقوب..
- يا أخي، لكني أتحسس أن أصواتا تخرج من جوفي، تلح عليَّ بأني أملك ذاكرة وليس كيساً، وأن يدي الثالثة لم تكن تسترخي أبدا، فما بالي الآن، وأنا معطوب، وحتى تورطي بالسياسة والمعارضة كما قال لي مهاوي لا أتذكر منه شيئاً.. ينهض الرجل كأنه يريد أن يستعرض أمامي ذاكرته النشطة...).
وجاءت الرواية في 160 صفحة من القطع المتوسط الصادرة عن دار الشؤون الثقافية العامة - وزارة الثقافة والسياحة والآثار 2020.