الصحف كانت ومازالت تلعب دورها الريادي في إثراء القارئ بمواد وموضوعات تواكب الأحداث اليومية والمجتمعية بصورتها الصائبة، وربما هذا هو ما نجده اليوم بدقة في جريدة "الصباح"، إذ تفرّدت في حركتها الإبداعية واختياراتها النوعية التي تأخذ القرّاء لعتبات نصيَّة مستمدة من رؤى حكيمة ومعتدلة.
والجديرُ بالذكر أنها تعطي الشمولية في اصطحاب الكثير لسواحل تختلف فيها مرايا البحار، إذ تعد تبلغ حقولها الشاسعة من المعرفة الآن عددها الـ 5000، وهي بحُلة الحداثة والتجدد الذي جعل القارئ دوما شغوفا ومترقبا لما ستصدره وينهل منها الجديد والمهم في شتى أنواع المعرفة سواء في تغطيتها الإخبارية بصياغة صحافية للأنباء ودعمها بالأدلة أو تحليلات تدخل المجتمع والأسرة من خلال عرض مشكلة ما ومعالجتها. إذ لم تكتفِ بهذا بل جعلت تيارها الضوئي يصل الى مقالات رأي بل وصفحات أخرى تلمُ جميع فروع الكتابة سواء كانت كتابة إبداعية أو كتابة وظيفية في إلمام القارئ بالمقال السياسي والاقتصادي والرياضي والتكنولوجي والتدوينات الثقافية الأخرى كالاستذكار والفولكلور الذي يغطي مساحة في الفنون التنويعية، فضلا عن أنه لا يمكن حصرها بجانب معين من الثقافة فكان لها حيز كبير في إثراء الثقافة الشعبية والمحافظة على الموروث الشعبي من خلال الكتابة عنه وتعريفه بالقارئ إلا أنها لا تريد أن ترهق القارئ فقد خصصت له صفحات استراحة وأخرى تهتم بالموسيقى والمنصات الإبداعية؛ ولذا أن شموليتها في التغطية منحها الاسم لتدخل البيت العراقي صباحا بإنشاء صندوق خاص في باب
المنزل.
مما لا شك أن الصفحة الثقافية للجريدة غنية بموضوعاتها التي تفرّدت في إضفاء الدهشة للقارئ النهم وهو يبحث عن الجيد؛ ولذا أن مأواه يجده من خلال ما ترفقه من مواد فلسفية وأدبية ونقدية وقصصية وشعرية كل معاني الجمال ولوائح الكلمة الحياتية تسكن وهي تبحث في الروح البشرية والوجود ومكنونات الإنسان وتضيف له عبق الكون
الآسر.
وهي سليلة التهليل والترنيم تحت أفياء الكلمة الأدبية السامية لطالما حملت على أكتافها انشاد المقالة النوعية والقصة التي ترافق عصف الوجود بسردية أخاذة والقصيدة التي تعكس الحكاية الصورية وتنسج وطنا وشعبا يبحث عن هويته.
والجدير بالذكر أن دلالات الألفاظ في المواد التي تأخذها الصفحة الثقافية على عاتقها ديدنا لنتيجة ابداعية حتمية لمعرفة كل اتجاه فكري بمفتاح معين وهذا لا يخفي عليها أن تطلق عنانها للسماء وتأطرها ضمن مفاهيم عديدة، ناهيك عن أن دلالات الكلمات لها بعدها التأويلي في كل مقالة تنشرها من معاني التعبير والبديهية المختلفة؛ ولذا من الطبيعي جدًا أن تسلك طريقًا غير مأهول بالأشواك بل اختارت أن تسلك طريقا يقتطف منها القارئ ثمار الحكمة والمعرفة.
وهذا فريد أن نجد صفحة كهذه فقد فسحت المجال أمام الطاقات الشبابية في التعبير عما يخالجهم من شعور حياتي ووجودي، خصوصا أن رئاسة التحرير المتمثلة بالفوَّاز لها مردودها الإيجابي في الساحة الثقافية والإعلامية ونظرت للنص الإبداعي الجيد بغية منح الثقة وإعادتها للطاقات الإبداعية الكامنة في دواخل النفوس وتحديدا الشباب الذين لطالما تعرضوا للتهميش وعدم الالتفات لهم فلا قيمة لامرئ لا يمد يده للآخرين ويستمد منهم ما كان ضوئيا، إذ احتوت العقل الإبداعي وانهضت الجريدة بقيمتها الجوهرية وجهّزتها بقواعد وأسس جديدة تخدم الكلمة بإنسانيتها وإعطاء حقها في النشر .