في 2020.. 10 اكتشافات علميَّة ‎لم يسلط الضوء عليها

علوم وتكنلوجيا 2020/12/21
...

 مايا وي-هاس
 ترجمة: شيماء ميران
اكتشافات مذهلة كثيرة لم يسلط الضوء عليها في العام الحالي، بدءاً من اكتشاف غبار نجوم أقدم من ‏الشمس إلى أول أجنة التيرانوصور.‏ أنتج العام الحالي أخباراً جنونيَّة غير مسبوقة، فبعد تفشي جائحة كورونا المميتة في أنحاء العالم، انتزعت ‏الحياة، وكان القرّاء متلهفين لكل تقدم بسيط نحو اللقاح، ومقتل (جورج فلويد) الذي أشعل احتجاجات في ‏أنحاء أميركا ضد وحشيَّة الشرطة والعنصريَّة المنهجيَّة، وحرائق الغابات التي اشتعلت في أنحاء غرب أميركا ‏الشمالية منها خمسة من أكبر ستة حرائق في كاليفورنيا منذ العام ‏‎1932‎، كما اجتاحت الأعاصير المدمرة ‏المدن الساحليَّة، ولكثرة تشكلها نفذت أسماء العواصف أمام العلماء. أما في الأشهر الأخيرة من العام ‏‎2020‎، فقد ‏هيمنت الانتخابات التاريخيَّة المثيرة للجدل على عناوين الأخبار.‏
 
وبعد تلك الأحداث المهمة انزلقت من بينها مجموعة من الاكتشافات العلميَّة، التي سنلقي نظرة على عشرة ‏تطورات مهمة منها مع اقتراب نهاية العام الحالي لربما نكون قد غفلنا عنها.‏
 
اكتشاف أقدم مادة على الأرض
قبل مليارات السنين من شروق شمسنا إلى الوجود، ألقى نجم محتضر غباراً إلى الفضاء، وانحصر جزءٌ ‏قليلٌ منه في نيزك اصطدم بالأرض، وتم تاريخه بأنه أقدم مادة مكتشفة حتى الآن. إذ اندمج الغبار مع ‏صخورٍ أخرى داخل ما يسمى نيزك (مورشيسون)، والذي أضاء السماء فوق أستراليا في أيلول عام ‏‎1969‎‏ ‏حين انحرف إلى سطح كوكبنا.‏اكتشف تحليل حديث لتلك الصخور القديمة حبيبات من غبار النجوم تعود الى ما بين خمسة إلى سبعة ‏مليارات سنة تقريباً. ويخمن العلماء أنَّ ذرات الغبار تلك قد اختبأت في نحو خمسة بالمئة فقط من ‏النيازك، لكن ذلك لم يثنهم عن الاستمرار في البحث عن تلك الأدلة لتاريخ مجرتنا.‏
 
اكتشاف أول أجنة تيرانوصور ‏
لقد حدد الباحثون بقايا تيرانوصورات صغيرة جداً لم تكسر قشرتها بعد. ويأتي ذلك من اكتشافات في موقعين ‏مختلفين أولهما مخلب قدم اكتشف عام ‏‎2018‎‏ من تكوينHorseshoe Canyon ‎‏ في ألبرتا بكندا، وفك ‏سفلي تم hسترداده عام ‏‎1983‎‏ من تكوين (تو ميدسن) في مونتانا. وأظهر التحليل بقايا التيرانوصورات التي ‏تعود إلى ما بين ‏‎71‎‏ – ‏‎ 75‎مليون سنة إنها بدأت صغيرة بشكل مدهش، إذ يقدر طولها متر تقريباً بحجم ‏كلب شيواوا‎ ‎لكن بذيل طويل جداً. وهذا الطول هو عُشر نظرائهم الناضجين تقريباً، وربما يساعد ذلك على ‏شرح سبب عدم عثور الباحثين حتى الآن على نماذج أخرى لهذه التيرانوصورات الصغيرة، فأغلب العلماء لم ‏يبحثوا عن هكذا حيوانات مفترسة صغيرة الحجم.‏
 
موسيقى المريخ ‏
وصلت سفينة فضائية إلى سطح كوكب المريخ المتجمد والمغبر في تشرين الثاني عام ‏‎2018‎‏ لمعرفة سبب ‏نبض الكوكب، وهو ما عُرف بالمسبار الفضائي (الجيولوجي الآلي) الذي أرسل مؤخراً بعض اكتشافاته ‏المبكرة إلى الأرض ما أثار حماسة وارتباك العلماء حول العالم. ومن بين ذلك الفضول الطنين والهدوء ‏المريخي، ويبدو أنَّ الدرونات المستمرة تنبض على إيقاع المستنقعات التي تصلصل الكوكب.‏
لكن يبقى أصل الهمهمة غير معروف. ورغم أنَّ للأرض العديد من الاهتزازات الناتجة عن زمجرة الرياح ‏وتلاطم الأمواج على الشاطئ، لكن موسيقى المريخ يتردد صداها بنغمة أعلى من همهمة الأرض الأكثر ‏طبيعية. وربما يكون سبب الهمهمة تلك هو تضخيم الطبقات الجيولوجية تحت المسبار لنغمة واحدة معينة، ‏أو قد يكون المسبار نفسه هو من يولد هذا الضجيج. وقال المحقق المسؤول على مهمة المسبار (بروس ‏بانيردت): «إنه أمر محير للغاية».‏
 
(منكب الجوزاء)‏
عادة ما يكون (منكب الجوزاء) من ألمع النجوم في السماء، لكن وميضه الشديد خفتَّ في كانون الأول من ‏العام الماضي، ما أثار حيرة العلماء الذين ذهبوا إلى أن (منكب الجوزاء) قد يكون في آخر حياته، أو قد ‏ينفجر انفجاراً نجمياً أشد إضاءة من القمر عند اكتماله. وكانت وكالة ناسا قد أعلنت في آب الماضي تفسيراً ‏غير عادي عن وجهه المظلل المفاجئ وهو أنَّ النجم يتجشأ.‏
وأظهرت مراقبة مرصد هابل الفضائي للنجم وهو يرسل انفجارات بلازميَّة سريعة وحارة جداً تبرد بعد تجلدها ‏في الخارج، ما شكَّل سحابة من غبار النجوم التي كان من الممكن أنْ تحجب ضوء (منكب الجوزاء) عن ‏مشاهديه المتلهفين على الأرض. ثم عاد النجم إلى طبيعته البراقة في الربيع الماضي، لذا يتعين على ‏مراقبي السماء انتظار موته الناري. ‏
 
الديناصور المدرع
لقد أثار النصف الأمامي للديناصور المدرع الذي يبلغ عمره ‏‎110‎‏ ملايين سنة والمحفوظ ببراعة دهشة ‏وسعادة العلماء، بعد اكتشافه عن طريق الصدفة عام ‏‎2011‎‏ بواسطة عامل تشغيل معدات ثقيلة في منجم ‏الرمال النفطية في ألبيرتا، وما قدمه المخلوق الشائك من إثارة كبيرة هذا العام، إذ كشف التحليل أنَّ آخر ‏وجبة طعام له كانت محفوظة أيضاً في بطنه.‏
كان الديناصور من نوع (نودوسور)، أحد أنواع الأنكيلوصور لكنه يفتقر إلى الذيل المدرع الموجود لدى ‏بعض أبناء جنسه. وكشفت كرة النباتات المتحجرة في معدته أنه أكلها قبل ساعات قليلة من موته، وعلى ‏الأغلب تم مضغها مع نوع معين من السرخس مختار من مجموعة نباتية منوعة متاحة آنذاك. وأظهرت ‏حلقات الأغصان الخشبية المأكولة مع السرخسيات أن (النودوسور) قد مات خلال فصل الصيف. ورغم ‏وجود وجبة واحدة فقط، لكن الاكتشاف قدم نظرة استثنائيَّة على الساعات الأخيرة من حياة مخلوق عاش قبل ‏أكثر من مئة مليون سنة.
 
انتهاء تفشي «كيفو»
أعلنت منظمة الصحة العالمية ‏WHO‏ في ‏‎25‎‏ تموز الماضي نهاية تفشي ثاني أكبر موجة أيبولا، والذي ‏أصاب أكثر من ‏‎3480‎‏ وتسبب بموت ‏‎2300‎‏ شخصٍ تقريباً. بدأ ما يعرف بـ (تفشي كيفو) في آب عام ‏‎2018‎‏ بمجموعة حالات قرب (كيفو) شرقي جمهورية الكونغو الديموقراطيَّة. 
الأيبولا هي حمى نزفية تتسم ‏بمجموعة أعراض منها نزيف، حمى، الآلام في البطن، والضعف وطفح جلدي، وتنتشر عبر التماس ‏المباشر مع دم أو سوائل جسم إنسان أو حيوان مصاب. وكان احتواء المرض خصوصاً في كيفو صعباً ‏بسبب الاضطرابات المحليَّة، ما أثار الشكوك بشأن جهود أية حكومة أو منظمة دولية للحد من تفشي ‏المرض. ومع ذلك أطلقت ‏WHO‏ بقيادة (مايكل ياو) حملة للتزويد بلقاح جديد وتلقيح أي شخص قد ‏يتعرض للإصابة، عن طريق تحسين المشاركة المجتمعية، ما أدى إلى تلقيح أكثر من ‏‎300‎‏ ألف شخص.‏ وقال المدير العام في ‏WHO‏ (تيدروس أدهانوم غبريسوس)  في تصريح صحفي حول نهاية التفشي: “يجب ‏الاحتفال بهذه اللحظة، لكنْ ينبغي علينا مقاومة التراخي. فالفيروسات لا تتوقف، لقد احتوينا تفشياً آخر ‏مطلع تموز الماضي بالقرب من مقاطعة إكواتور في جمهورية الكونغو الديمقراطية”.‏ العثور على أقدم جمجمة إنسان منتصب، لقد بدت قطع الجمجمة التي اُستخرجت من صخور شمال غرب جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا وكأنها تعود ‏لقرد البابون القديم. لكن عندما جمع الطالبان (جيسي مارتن) و(أنجيلين ليس) من جامعة لاتروب في أستراليا هذه القطع، أدركوا أنهما يحملان أول دماغ إنسان منتصب تم العثور عليه حتى الآن في جنوب ‏أفريقيا. 
والأكثر من ذلك إنها تعود إلى مليوني عام تقريباً، وتمثل أقدم بقايا السلف البشري القديم. وقال ‏مارتن: “لا أظن أنَّ مشرفينا صدقونا حتى حضروا وألقوا نظرة عن قرب”. ويساعد هذا الاكتشاف الباحثين ‏على الاستمرار في فك شفرة شجرة عائلتنا المتشابكة، ومعرفة متى وأين نشأ مضيفنا من أبناء جنسنا ‏القدامى.‏
 
«‏DNA‏” أول ديناصور
في جيرسيك بارك، يُعزل ‏DNA‏ ديناصور ببساطة كاستخراج الدم من بعوضة قديمة مغطاة بالعنبر. بينما لا ‏زلنا بعيدين عن إحياء هذه القطعة بالخيال العلمي، فقد حقق الباحثون طفرة استثنائيَّة متقدمة في دراسة الـ ‏DNA‏ المتحجر. وحدد الفريق معالم الخلايا من خلال فحص الأحفوريات المحفوظة جيداً والتي يبلغ عمرها ‏أكثر من سبعين مليون عام، فضلاً عن نماذج من الكروموسومات وبعض النوى الممكنة والتراكيب التي ‏تضم الـDNA، ومع إنهم لم يستخرجوا الـ ‏DNA‏ من خلايا أحفورية فلم يتمكنوا من التأكد حتى الآن ما إذا ‏كانت المادة هي ‏DNA‏ محفوظ أم إنه منتج وراثي ثانوي آخر. لكن الاكتشاف قدم نظرة مثيرة على تفاصيل ‏أدق يمكن أنْ يحفظها التحجر. ويقول عالم الحفريات في متحف أونتاريو الملكي (ديفيد إيفانز): ‏‏”الاحتمالات مثيرة طبعا”.‏
 
كهوف غريبة
تشير الأجسام الحجريَّة التي استخرجت من أعماق كهف (تشيكويهويت) في المكسيك إلى أنَّ الإنسان قد ‏يكون وصل الى الأميركيتين منذ ‏‎300‎‏ قرن، أي ضعف الوقت المقدر تقريبا للوصول الحالي. ويعدُّ هذا ‏التاريخ نقطة النقاش المحتدم بين علماء الآثار، إذ حدد العديد منهم أول مكان لوجود الإنسان في أميركا ‏قبل‎13500 ‎‏ سنة تقريباً، حين تراجعت الصفائح الجليديَّة وانفتحت مسالك الهجرة من قارة آسيا، أذ أرجع ‏الاكتشاف الحديث تاريخ وصول الإنسان إلى الآف السنين. لكن التحليل الجديد للآثار الحجرية كالنصول ‏ونقاط المقذوفات والرقائق الصخرية تتخللها قطع فحمية يعود تاريخها إلى ‏‎30‎‏ ألف عام، يشير إلى أنه من ‏المرجح  وصول البشرية إلى الأميركيتين قبل بدء ذوبان الأنهار الجليدية.‏ وتشير دراسة الكهف الى أنه قد كان مضيفاً لعشرات الآف السنين، إذ كانت المنطقة أكثر برودة ورطوبة ‏واخضراراً من اليوم، ولم يتم العثور على آثار بشريَّة حتى الآن. كما أثارت الدراسة الجديدة الجدل بين ‏العلماء، إذ قال عالم الآثار في جامعة أوتونوموس بولاية زاكاتيكاس ومؤلف البحث الرئيس (سيربري ‏أرديلين): «إن المشاركة الرئيسة لكف تشيكويهويت هو إنه جلب ضوءاً صغيراً وإشارة آخرى بوجود شيء ما ‏هناك».‏
 
شعاب مرجانية
عندما كان فريق من علماء أستراليين على متن سفينة البحث (فالكور) العائدة إلى معهد شميت للمحيطات ‏يقومون برسم خرائط قاع البحر في الحاجز المرجاني العظيم، عثروا بالصدفة على ناطحة سحاب من ‏المرجان يبلغ ارتفاعها ‏‎500‎م تقريبا والأولى من نوعها وتعرف بالشعاب المنفصلة التي تم اكتشافها منذ أكثر ‏من ‏‎120‎‏ سنة. وتعد هذه الناحطة المرجانية الجديدة واحدة من الثمانية المعروفة في المنطقة. وتوفر هذه ‏التراكيب الطبيعية بيئات حيوية لمخلوقات مائية مثل السلاحف وأسماك القرش التي تندفع داخل وخارج ‏المياه العميقة المجاورة للحاجز المرجاني العظيم. ورسم الفريق خريطة الشعاب المنفصلة ووجدوا أشكال ‏متنوعة من الحياة المزدهرة في النظام البيئي. كما جمعوا عينات من الصخور والرواسب وبعض الكائنات ‏الحية التي سترسل إلى المختبر لغرض تحليلها.‏
وبينما يبدو أنَّ تفاصيل أكثر ستظهر حول هذه الشعاب المرجانية، فإنَّ علماء التصنيف يدرسون الصور ‏والفيديوهات التي حددت العديد من أنواع الأسماك الجديدة.
وقالت الشريك المؤسس لمعهد شميت للمحيطات ‏‏(ويندي شميدت) في تصريح صحفي إنَّ الاكتشاف جزءٌ من ثورة في العلوم البحرية: «بفضل التكنولوجيا ‏الجديدة التي تعمل كأنها أعيننا وآذاننا وأيدينا في أعماق المحيط، فأصبحت لدينا القدرة على مثل هكذا اإستكشاف لم نكن نملكه من قبل».‏
 
عن ناشينوال جيغرافيك