ولماذا هذه القسوة؟

اسرة ومجتمع 2019/01/27
...

حسين الصدر 
 - 1 -
 
طَرْزُ التعامل بين ربِّ الاسرة وأفراد عائلته ، من زوجة وأبناء ، وأخوة واخوات ..، يختلف اختلافاً كبيراً طِبْقاً لاختلاف الناس في الدين والثقافة والاخلاق والبيئة ... وهذا أمر محسوس مشهود لا ينكره أحد ...
 
- 2 -
والملاحظ اننا نشهد التذبذب بين حالتين مريرتين :
إمّا التفريط ،وأمّا الافراط .ونعني بالتفريط : القاء الحَبْل على الغارب، وترك المحاسبة والمراقبة وليكن ما يكون ...!!
ونعني بالافراط :
تشديد القبضة ، وانزال العقوبات الموجعة لأتفه الأسباب ..!!
وقد سمعتُ قبل قليل : الصراخ والعويل يتعاليان من بيتٍ مجاور لمكتبنا ، اختلطت اصوات الصغار بأصوات الكبار، وكأننا أمام حفلة تعذيب جماعي لأهل الدار كلهم بلا استثناء !
 
- 3 -
من الخطأ الفاحش أنْ يعكس ربُّ الاسرة اخفاقاتِه ومشكلاتِه على أفراد عائلته فيسومهم سوء العذاب لا لشيء إلاّ لأنه مسكون بألوان من التشنج والاحتقان ..!!فما ذنب هذا الطفل الصغير البريء يضرب ضربا مُبّرحِاًوبلا رحمة من دون سبب ؟
وما ذنب الزوجة تُنْتَهكُ حرمتُها أمام أبنائها وتتلقى الضربات الموجعة وكأنها قد جنت ما ليس يغتفر ..!!وكيف يُرجى لهذه الأُسرة أن تنعم بالاطمئنان وهي تعيش مثل هذه الكوابيس على مدى الأيام ؟
 
- 4 -
وهل تُنتج لنا القسوة الابناء الصالحين ؟
إنّ الجوّ المُشبع بالغصص والآلام يطبع بصماته في سلوك أفراد الأسرة مع غيرهم بما يُوّلِدُه فيهم من عُقد نفسية وجنوح الى الغلظة ...
وهنا يسري الداء وينتقل الى أطراف أخرى لا علاقة لها بكلّ ما جرى داخل تلك الأسر المبتلاة بالغلاط القساة ...
 
- 5 -
ولا أدري أين تغيب الرقة والمروءة والانصاف ، حين يُوالي ربُّالاسرة عقوباتِه الموجعة بحق صِغارهِ الذين يتضورون من ضرباته ، دون أنْ يرف له جفن ؟
أليسوا أفلاذ كبده ؟
أليسوا لا يملكون القدرة على تحصين أنفسهم من العقاب ؟ 
وهل يستطيع الأب القاسي ان يستخدم هذا اللون من القمعوالعنف مع سائر الناس ؟
 
- 6 -
واذا كان آخر الدواء الكيّ – كما جاء في الأمثال - ، فانّ ربّ الاسرة عليه ألا يلجأ الى الضرب قبل أنْ يستنفد كل الطرق والوسائل الكفيلة بتحقيق ما يريده من الابناء، في الانضباط ومجانبة الارتطام بخطوطه الحمراء .
انّ بعض الأباء – للاسف الشديد – يكلفون ابناءهم ببعض الأعمال المحرمّة وحين يأبون – لطهارة ضميرهم –يوجعونهم ضربا وتعذيبا ..
 
- 7 -
ونحن هنا لا ندعو الى ما تسير عليه بعض الدول من مناشدة الاطفال الاتصال بالشرطة عند تعرضهم للضرب من قبل آبائهم لانقاذهم من يد آبائهم ..!! ولكننا ندعو الآباء الى التوازن والاعتدال والسلامة في ما يتخذونه من اجراءات مع ذويهم، لكي تبقى الاسرة متحابة متماسكة، ولكي تبقى أواصر العلاقة بين افرادها قوية عميقة .