د . صادق كاظم
لتركيا والعراق مصالح ستراتيجية وطرق تجارة برية وممرات نفطية، تغذي اقتصاد البلدين وتشكل شرياناً رئيساً يغذي شرايين وخزائن الاموال والعلاقات بين انقرة
وبغداد .
تشعر تركيا بالقلق من نفوذ وتغلغل خصمها حزب العمال الكردستاني في اراضي العراق وسوريا, اذ يقيم الحزب قواعد ونفوذاً وشبه دولة في شرق سوريا الغنية بحقول النفط والغاز الضخمة التي تحرسها البنادق والدبابات الاميركية وتمنع انقرة وحلفاءها هناك من
اقتحامها .
ترى الحكومة العراقية بان حلا سلميا للنزاع كفيل بانهاء النزاع وانهاء ذريعة وجود الحزب وقواعده في العمقين العراقي والسوري ورفع مظلة الحماية الدولية عنه وتخليص انقرة من صداع مزمن تتحاشى ايجاد حل له .
هناك عقدة كبيرة تقف في طريق العلاقات العراقية التركية تتمثل في ملف السدود والمياه, اذ يواصل الاتراك اقامة المزيد من السدود وتقليص حجم المياه الذاهبة الى العراق من منابع نهري دجلة والفرات، ما يتسبب بازمات اقتصادية وزراعية للعراق تتزايد عاما بعد آخر، ورغم ان الاتراك يبررون ذلك بحاجتهم الى تلك المشاريع لتطوير اقتصادهم, لكن ذلك لا يبرر، لانه يأتي على حساب العراق وشعبه وزراعته واقتصاده, ليبقى هذا الملف مفتوحا من دون حلول جذرية للازمة التي تتفاقم.
كان ساسة بغداد في العهد الملكي معجبين بتجربة اتاتورك في تحديث وعصرنة تركيا وطي صفحة الخلافة التي لفظت انفاسها بعد الهزيمة في الحرب العالمية الاولى, وحاولوا نقل التجربة الى العراق بشكل مشوه, لكنها فشلت مع مقتل ووفاة دعاة هذا الاعجاب امثال الجنرال بكر صدقي وطه الهاشمي وياسين الهاشمي وحكمت سليمان ونوري السعيد والملك غازي وغيرهم, لكن بغداد اليوم تختلف عن الامس وتركيا التي تخلصت من ارث اتاتورك تحاول أن تبني لنفسها دورا اقتصاديا ومجدا سياسيا، وبغداد كانت ذات يوم محطة انطلاق لقطار الشرق السريع الذي يصل الشرق باوروبا عبر تركيا والذي تطمح البلدان لتحقيقه اقتصاديا وسياسيا, حيث احواض مياه الرافدين المشتركة والشراكات الاقتصادية وعمليات الاستثمار وانابيب النفط الناقلة وموانئ التصدير، بلغة اقتصاد يمكن أن تتحول الى حركة تجارية واقتصادية، قد تكون الاضخم في المنطقة.