أحلام عند عتبة عام يمضي!

الصفحة الاخيرة 2020/12/30
...

علي حسن الفواز
عام يمضي ويودع أيامه وضحاياه وحالميه،  ليضعنا عند عتبة عام جديد، حيث تتسع معه الأمنيات والطموحات، ويفتح له الناس أفقا، رغم مافيه من المجهول، لكنه يحمل معه هاجسا تتحفّز فيه غرائز التجديد والتغيير، والرغبة في العيش عن زمنٍ آمنٍ، لا ذاكرة شاحبة له مع (كوفيد- 19)، ولا مع رعب الأزمات الاقتصادية، التي تركت الكثيرين يساكنون القلق والخوف، ولا مع يوميات الحجر الصحي والعزلات والحرمان من حميمية الليالي الملاح.
العام الجديد يمكن أن يشبه كلّ الأعوام، فالمشكلة لاتكمن في الزمن، بل بالناس الذي يجعلون هذا الزمن صعبا أو سهلا، أو غامرا بالمشكلات، أو حافلا بالأيام السعيدة، فكلُّ شيء مرهون بإرادتهم، وبقدرتهم على أن يحيوا حياة آمنة زاهية، تصلح أن يتبادلوا فيها التهاني والتبريكات والامنيات بالعمر المديد والعيش الرغيد.
لقد عشنا العام 2020 عاما صعبا، والعالم شاطرنا وجع هذه الصعوبة، فالداء الوبيل كوفيد تحوّل الى غول كوني متوحش، والوجع الاقتصادي أوقف الناس عند حافات الجحيم والخوف من المستقبل، والراحلون من الأهل والأصدقاء تركوا عيونهم شاخصة، موجوعة، معاتبة، وهي تلعن العام الماضي الذي ترك ايامه وكأنها تشبه المتاهة.
هذا اللوم والعتب على عام يمضي من دون ارادتنا لا يعني أن الحياة ستنزع ثياب حزنها، وقلقها، وسنجد أنفسنا عند عام أبيض، ومختلف، لا كوفيد فيه، ولا أزمات للنفط والاقتصاد والراتب والكهرباء، بل هي دعوة لأن يكون التغيير فينا، حيث نفتح زمنا جديدا، نتصالح فيه مع انفسنا، وأيامنا، وأحلامنا، ومع الآخرين، وأن نكون صادقين في عملنا، وفي نظرتنا للعالم، وللوطن الذي ينتظر منا زمنا حقيقيا تتسع فيه الارادة والمسؤولية، بعيدا عن أوهام العنف والكراهية والغلو والإرهاب، فنحن قد استهلكنا أعواما كثيرة ونحن نمارس الفرجة، والانتظار، ونطلق الأمنيات، لكن ماحدث في 2020 من مشكلات صعبة وضاغطة تكفي،  لأن تجعلنا أكثر حرصا على التغيير، وعلى مواجهة الضعف والخراب والفساد، ولاستنهاض روح المبادرة، والثقة بالنفس والآخرين، والانطلاق الى أفق واشراق جديدين، نكون فيها فاعلين ومسؤولين وقادرين على إحداث التغيير الذي نطمح، والبناء الذي ننشد والحق الذي نطلب، والرؤية التي نتوق الى فيض معانيها البهية والسامية.