حسين رشيد
كان لتردي التعليم وبزوغ ثورة تكنولوجيا المعلومات، وغياب الخطاب التوعوي، نتيجة لتهميش دور النقاد، والكتاب، والباحثين المجدين، مع تراجع دور الصفحات الثقافية،واختفاء العديد من المجلات الثقافية، لأسباب شتى، دورٌ في أزمة النقد وتقويم البناء المجتمعي وتصويب الممارسات الخاطئة. ما جعل من المدونات الالكترونية والمدونين «مدفوعي الثمن»، والمواقع والمنتديات الإلكترونية الناشئة، الخالية من المعرفة الحقة، مرجعيات للقراء، وبوصلات توجيه حسب مبتغى وتوجه كل واحد منها. حتى وصل الامر إلى اصدار احكام على ما يصدر من كتب بدلاً من النقاد، والباحثين المتخصصين، من أصحاب الخبرة والمعرفة والثقافة العالية، التي تشكلت لسنين طويلة من القراءة والمتابعة والبحث.
هذا فضلا عن فوضى الكتابة وسهولة نشر أي كتاب، وبوجه الخصوص ما ينشر او يصدر على انه رواية، وهو مجرد تسطير جمل وذكريات، عاش من كتبها في فترة معينة من تاريخ البلاد الشائك، تصل احيانا الى أدنى مستويات الفجاجة والسطحية. لكن بفضل نقاد المال، والمنتديات والمدونين، تتحول هذه الكتب إلى فتوحات ثقافية، ويحتفى بها بجلسات عدة، بل وتترشح لجوائز عربية، لم يعد اغلبها ذاأهمية لهذه السبب وغيره.
نحن بمواجهة ازمة النقد والثقافة بشكلها العام، الكثير من المثقفين ارتضى بجلوسه الصامت او المتحرك حسب الحاجة والمصلحة، بالتالي غيب نفسه عن مواجهة الواقع وافرازاته المختلفة، ليتضاءل بعد ذلك الدور الثقافي، في الاصلاح من خلال غياب المثقف النقدي الشجاع، الذي يؤشر الى الأخطاء والخلل اينما كان، ما سمح للكثير تصدر الواجهات الثقافية وممارسة اعمال التلميع الثقافية الادبية والفنية، فضلا عن غياب الخطاب الثقافي الواعي المستند الى رؤية معرفية حداثوية، تعمل على إنضاج الافكار وتأصيل العمل الثقافي.
هنا تكمن بعض مشكلاتنا التي نواجهها على جميع الصعد والاتجاهات في ظل ازمة معرفية، وإخفاقات ثقافية، ونقدية، واجتماعية، وفشل في الفرز، ينمو مع تزايد التوتر السياسي، والمجتمعي، وانعكاسه على المشهد الثقافي، الامر الذي ولد حالة ثقافية مشوهة، انعكست هي الأخرى على البعض من المثقفين، الذين آثروا العيش بالوهم، بالتالي لم تكن هناك حالة ثقافية ناضجة، تأخذ على عاتقها مقاومة القبح بل العكس من ذلك، اذ انخرط جزء من هذه الحالة على حساب التقارب المجتمعي والتعايش السلمي.