الجامعة والتأسيس الثقافي

ثقافة 2021/01/03
...

د. حسين القاصد 
 
على مر السنين كان للجامعات العراقية الدور الأكبر في قيادة الوعي المجتمعي وتنمية الذوق العام، فقد رفدت الجامعات العراقية الوسط الأدبي بعشرات الأسماء الإبداعية الكبيرة، واستمرت مسرحا ضاجا بالإبداع ومنجما للمبدعين، وليس لأحد أن ينكر بأن كبار المبدعين في النقد دخلوا الوسط الأدبي من باب الجامعة، بدءا من عميد الأدب العراقي العلامة الجليل استاذ الأجيال د. علي جواد الطاهر وليس انتهاءً بأي مبدع لأننا لا نتمنى أن يستمر الجفاء بين الجامعة والوسط الأدبي. فعلى مستوى الشعر كانت الجامعات العراقية تقيم المسابقات الإبداعية التنافسية ليبزغ نجم شاعر جديد يفوز بلقب شاعر الجامعة أو شاعر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بعد أن يتم التنافس بين الجامعات، وبعدها يجد هذا الشاعر طريقه إلى الوسط الأدبي ويصل ناضجا.
ولقد كان اتحاد الادباء والكتاب في العراق يخصص بعض جلسات مهرجاناته الكبيرة لتقام في الجامعة ويحفل بها الأساتذة والطلبة، ويتعرف الباحثون على صاحب المنجز الذي ربما أخذ منجزه طريقه إلى الدراسة في اطروحة دكتوراه أو رسالة ماجستير أو حتى بحث تخرج في الدراسات الأولية. 
ولقد أقام استاذنا د. علي عباس علوان مهرجان السياب ليكون مقر إقامته سنويا في جامعة البصرة قبل ان يتوفاه الأجل ويتوقف المهرجان ويتحول إلى ذكرى، واتذكر أننا بعد سقوط النظام الساقط مباشرة أقمنا مهرجان الجواهري وقد كانت إحدى جلساته على أنقاض قاعة الإدريسي في كلية الآداب بجامعة بغداد، وكان مهرجانا مميزا ولعل الدليل على تميزه هو استمراره حتى الآن، لكن غيابه عن أروقة الجامعات عزز الفجوة بين الأكاديمية والوسط الأدبي.
إن أغلب بحوث الترقية تنشر في مجلات محكمة تصدر عن الجامعات، والبحوث التي تخوض في مجال الأدب يكون خبراؤها من المختصين بهذا الشأن، لذلك والتواصل الكتابي وحده لا يكفي، إذ من حق الطلبة ان يتعرفوا على صاحب هذا البحث، بل من حق الطلبة أن يدخلوا الى الوسط الأدبي من باب رصين، لا من باب المجاملات والعلاقات الإخوانية، لذلك هي دعوة لتعزيز الروابط بين الجامعة والساحة الأدبية، كأن يصار إلى اقامة المهرجانات الأدبية أو أن يتم التأسيس الى تعاون مشترك بين الوسط الأكاديمي والوسط الأدبي من خلال تحقيق تعاون جاد وتأسيس لجان مشتركة بين الأوساط الأدبية والاوساط الاكاديمية، لكي تعود الجامعة مسرحا للإبداع، لكي ينشغل طلبة الجامعات بما هو نافع ويبتعدوا عما هو طارئ وضار وبهذا نكون قد أعدنا الجامعة الى دورها القيادي للوعي 
المجتمعي.