«المقمق» الذي يحترق

الصفحة الاخيرة 2021/01/03
...

عبد الهادي مهودر
هو وحدة قياس كميات الغاز الطبيعي وتستخدم اختصاراً أو تحبباً بدلا من المتر المكعب، التي تكرر ترديدها كثيرا في الشهر الأخير من السنة الماضية بسبب أزمة الكهرباء، لكن أتعلمون كم مقمقأحرقنا طوال السنين، وكم مقمق نحرق في اليوم الواحد بلا وجع قلب وكم مقمق يبلغ احتياطي العراق وما فائدة الاحتياطي، اذا كنا بحاجة الى المقمق اليوم وليس غدا؟، المسؤولون في وزارة النفط حين ينطقون مفردة مقمق وتخرج من أفواههم، كالعسل يعنون بها وحدة القياس ويعتقدون أن كل الناس مثلهم تعرف ماهو المقمق، رغم أن الناس لم تفهم بعد قصة حرق الغاز ولا قصة مشكلة الكهرباء، التي صاحبتنا العمر كله مثل صحبة الغاز المصاحب للنفط ولا تعرف الناس سر عدم حلهما بعد كل تلك السنين والأموال، التي أنفقت وطارت مع الغاز، فكيف تعرف الناس ما المقمق؟، وكل هذه الأسئلة التي طرحناها والغموض المصاحب لها تجيب عليها بيانات الزملاء في إعلام وزارة النفط باستمرار ونشهد لهم بذلك وكذلك تصريحات المسؤولين في وزارة النفط، الذين بشرونا اخيراً بأن العراق لن يحرق أي مقمق بعد سنة 2023 ، وإن تم ذلك فعلاً فهو انجاز تاريخي يستحق أن نحتفل به في الهواء الذي كان يحرق فيه الغاز  ويذهب مع الريح، هل تتذكرون ان هناك من كان يفاخر بنارنا الأزلية، التي تضيء سماء الوطن ونحن «الغلابة» لا ندري أنها ثروتنا الوطنية ومقمقنا الذي يحترق؟.
واليوم وبعد تاريخ الحرق الطويل يحتل العراق المركز الثاني عالمياً وللسنة الرابعة بين أعلى الدول إحراقاً للغاز الطبيعي، حسب تقرير للبنك الدولي الذي يحسبها بالدولارات وليس بالمقمق، في  الشهر الماضي  تراجع انتاج الطاقة الكهربائية في شدة البرد وازدادت ساعات القطع بسبب توقف امدادات الغاز الايراني، بسبب الديون المتراكمة بذمتنا، وعلى ذكر البرد يقال إن عالماً روسياً زار العراق في أيام شهر كانون وكتب في مذكراته انه زار العراق في عز الصيف!.
وقد يقول قائل وما الضير في استيراد الغاز اذا كانت دول اوروبا تستورده من روسيا وقطر والجزائر؟ مع العلم ان العراق يأتي بعد روسيا وإيران وقطر والسعودية والإمارات وأميركا ونيجيريا وفنزويلا والجزائر، لكن الفارق بيننا وبينهم أن هذه الدول تنتج وتصدر ونحن نحرق ونستورد حتى العلب الكارتونية لتغليف بيض الدجاج العراقي وقد تعودنا على الحرق والاستيراد، من دون أن نذرف دمعة على حرائق الغاز المصاحب او نذرف عليه دموع التماسيح. والحديث عن المقمق ذو شجون باحتياطيه وانتاجه وحقوله، التي تملأ أرض العراق شمالاً وجنوباً وغرباً، ومع ذلك «ورغم جميع حرائقه ورغم جميع سوابقه ورغم الحزن الساكن فينا ليلَ نهار «فكلنا أمل أن يعتدل حالنا وميزاننا التجاري يوماً ما ونصدر مثلما نستورد وأن يأتي اليوم الموعود الذي لا نحرق فيه مقمق واحداً، وها نحن اليوم بانتظار السنتين المتبقيتين لنستغلهما بالتثقيف للمقمق وقصته الحزينة ونهاياتها القريبة، بإذن الله ونحلم باستقرار الكهرباء وبرؤية النور في نهاية النفق وبخروج المارد من المقمق، عفواً من القمقم».