الجيش العراقي.. قرنٌ من البطولة والمنجزات الوطنيَّة
منصة
2021/01/05
+A
-A
بغداد: محمد اسماعيل
تصوير: نهاد العزاوي
تعاقب الأحداث من حول العراق داخلياً وخارجياً جعل جيشه بحجم التحدي، معظماً قدر وطن الأنبياء والأولياء والعلماء والأدباء، أساطير متوارثة منذ ما قبل التاريخ، تلوذ بحمى جيش يسمو على الملمات كبرياءً يليق بفروسيَّة رجال واجهوا الموت كي يصنعوا الحياة خلوداً.
يحيي العراقيون اليوم الأربعاء الذكرى المئويَّة لتأسيس الجيش العراقي، في ظل التفاف شعبي كبير حوله، بعدما نجح في تحدي القضاء على عصابات "داعش" الإرهابية، ليتخطى مرحلة صعبة بدأت تحديداً منذ قرار حله بعد الاحتلال الأميركي.
أزمات متعددة
مرّ الجيش العراقي بأزمات كثيرة تبعاً لمشكلات البلاد عبر الحقب الزمنية وتغيير نظم الحكم في البلاد. عقب الحرب العالمية الأولى، دخل العراق مرحلة الاحتلال البريطاني في آذار 1917 بقيادة الجنرال جيمي مود الذي زعم أن قواته "جاءت لتحرير العراق وليس لاحتلاله". ولم تتأخر "ثورة العشرين"، ليضطر البريطانيون لتشكيل حكومة مؤقتة يحكمها الملك فيصل بن الحسين عام 1921، وفي العام ذاته، بادر ضباط عراقيون كانوا يخدمون في الجيش العثماني بتأسيس أول جيش وطني يتولى مهمة الدفاع عن استقلال وسيادة العراق من العدوان الخارجي، ليشهد ولادة أول فوج عسكري تحت مسمى "موسى الكاظم". وظل ينمو مع مؤسسات الدولة، حتى تمكن أخيراً من تكوين قوة قادرة على المواجهة والدفاع، وبدور أساسي أسهمت تشكيلاته، في 14 تموز 1958، بالإطاحة بالحكم الملكي في العراق. وبواسطة الجيش نفسه في 8 شباط 1963 انتهى حكم الرئيس السابق عبد الكريم قاسم، وفي 17 تموز 1968 ساعد في وصول حزب "البعث" الدكتاتوري إلى السلطة.
كان الجيش العراقي الأول بين الجيوش العربية عام 1990 لجهة عديده، بعد أن بلغ تعداده مليون جندي. خاض أولى حروبه في العصر الحديث ضد سلطات الانتداب البريطاني سنة 1941، وتبع ذلك عدة حروب وانقلابات عسكرية، وشارك في الحروب العربية ضد الاحتلال الإسرائيلي، في سورية والأردن وكذلك سيناء المصرية، وبعد ذلك، حربه مع إيران (1980 - 1988)، ثم حرب الخليج الأولى (1990 - 1991).
بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، تلقى الجيش ضربة قاسية، عندما أصدر الحاكم المدني حينذاك بول بريمر قراراً بحل الجيش. فبعد إعلان الولايات المتحدة انتهاء العمليات العسكرية في العراق، مطلع أيار 2003، توجّهت الإدارة الأميركية إلى حل وزارة الدفاع العراقية وأجهزة الأمن والمخابرات وأجهزة الشرطة باعتبارها كانت تمثّل مفهوم "السلطة القمعيَّة" في زمن نظام المقبور صدام ، مع الاعتراف بضرورة وجود قوة عراقية بعد شيوع الفوضى والسلب والنهب. وتأسس حينها جيش لم يرضَ عنه العراقيون، ووصفوه بالرخو. ودخل هذا الجيش مرحلة جديدة من المعارك الداخلية ضد "القاعدة" الإرهابي، ومن ثم عصابات "داعش" الإرهابية بعد العام 2014.
أما اليوم، فيملك الجيش العراقي عشر قيادات للعمليات العسكرية، هي قيادة عمليات بغداد والبصرة والرافدين وصلاح الدين وسامراء ونينوى والأنبار والفرات الأوسط ودجلة وكركوك.
بطولة متدفقة
رئيس الهيئة السياسيَّة للتيار الصدري الدكتور نصار الربيعي قال بمناسبة ذكرى تأسيس الجيش العراقي إنَّ "البطولة المتدفقة في عروق شعب الرافدين، ما زالت تنبض في الجيش العراقي الذي استجمع خلاصات أساطير موغلة في القدم، تتجدد ضمن الحاضر نزوعاً الى المستقبل.. فـ "كلما بلغ الفطام لنا رضيع.. تخر له الجبابرة صاغرين" وهذا هو قدر العراق الذي لا تنطفئ جذوة الكبرياء في إنسانه".
مؤكداً: "خبر جبهات القتال وخطوط الصد؛ ذائداً عن كرامة وطن لن يهان".
واصل رئيس مكتب الثقافة التركمانية في اتحاد الأدباء الشاعر فوزي أكرم ترزي: "لم تثنِ الأحداث جيش العراق عن مواصلة مهمته التاريخيَّة الخالدة، حتى بعد أنْ تم حله في 9 نيسان 2003 عاد أقوى وأشد جلداً في الحنو على وطنه".
لفت الى أنَّه "جيش لا ثغرة مادية ولا معنوية فيه.. متكامل الأداء، بصنوف الجيوش كافة، ومحمولات من الأخلاق لا تهزها رهبة القتال، فلم نسمع أنه معتدٍ على ضعيف.. لا جماعياً ولا فردياً، لكنه لا يسامح معتدياً أو يغض الطرف عن متجاوز".
أفاد نقيب الفنانين د. جبار جودي العبودي: بأنَّ "القوات المسلحة العراقيَّة، حامية النظام والدستور لجمهورية العراق".ونوه الى أنَّ "تاريخ العسكريَّة العراقيَّة موغل في القدم بجدارة وكبرياء نفخر بهما".
ألمح رئيس اتحاد الأدباء الشعبيين العرب ورئيس جمعية الأدباء العراقيين د. جبار فرحان العكيلي الى أنَّ "تارخ الكرامة العراقيَّة والعربيَّة يمتدُّ بامتداد وجود الجيش العراقي". واستطرد: "فتجربة العراق مع تحريك الجيوش الجرارة ليست جديدة، إنما ضاربة في القِدم، وما زال أبناؤه معبؤون.. شاكين سلاحهم في النوم واليقظة".
قرن من البطولة
استفاض رئيس الجمعية العراقية للتصوير: "نمتْ في كنف الفروسيَّة العراقيَّة حضارات عظيمة قامت على أسسٍ سليمة وسلميَّة وقدمت عطاءً للبناء وليس للهدم، عملاً بالحديث النبوي الشريف: (المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف)"، معبراً عن اعتزازه بأبطال الجيش العراقي في عيدهم المئة: "قرن من البطولة، قدم خلاله عطاءً عسكرياً يحمي التطلعات المعرفيَّة، المدنيَّة، السلميَّة، التي تريد خيراً بالإنسان خلال تاريخ العراق الحديث، تضافراً مع ماضٍ مشرفٍ يصلنا ببابل وآشور".
خص مدير عام دائرة السينما والمسرح د. احمد حسن موسى، الجيش بالتحية النابعة من العقل والقلب: "وجداننا مع جيشنا، متكؤنا في الحياة المدنيَّة المتطلعة الى إبداعات حضاريَّة راقية في الفن وعموم الجمال". وكان د. موسى قد أشار الى أنَّ "التحية قاصرة عن مكافأة جيش يسترخص دمه في سبيل حماية الشعب من رعب الإرهاب".
دعا أمين عام نقابة الصحفيين د. ناظم الربيعي، الى الوقوف تحية في حضرة الجيش العراقي معلقاً: "التأسيس الحديث للجيش العراقي الحالي يعود إلى العام 1921 لكنَّ أخلاق الفرسان متأصلة في الإنسان العراقي منذ فجر التاريخ". وأضاف: "تحية وإجلال لبطولات هذا الجيش العظيم في مئويته الحافلة بالمنجزات الوطنيَّة".
تحدث نائب رئيس جمعية الأدباء الشعبيين عداي السلطاني: "تألقت شاعريتي خلال عملي الوظيفي ضابطاً في الجيش العراقي، إنها فترة في حياتي أفخر بها، فأي جيش عظيم وإنساني وقوي هذا الذي تشكلت في ظله تجارب جمالية مهمة في الأدب والفن ومنجزات طبيَّة وهندسيَّة فائقة".
وبشأن مئوية تأسيس الجيش قال السلطاني: "مبارك قرن من البطولة قطعه الجيش العراقي في التاريخ خالداً، رفيع الأخلاق قوي البناء في صنوفه كافة".
أعلنت الفنانة إيناس طالب: "كلنا مع جيشنا في سبيل ترصين وترسيخ حمى العراق"، ذاكرة: "لن يخذل شعب يتقي الموت بالحياة مؤمناً ببطولات جيشه وهو يحرز قصب السبق بقرن من العظمة".
وفي السياق قال د. جاسم العزاوي: "العمل المهني طبياً في بلد منيع يمكننا من تحقيق منجزات صحية مهمة، وهذا عائد بالفضل الى الجيش العراقي البطل". مشدداً: "تحية له على مدى قرن من تأسيسه".
حارس الجمهوريات
من جهتها أعلنت الشاعرة د. أمل الجبوري: "قصائدنا احتراماً لبطولات جيش العراق الذي ما زال مقاتلاً يذود عن السلام". عازية هذا الإقدام والقوة الى "كونه ينهل من مجتمع أصيل بعزيمة واعية ورؤية واضحة للخير والحق والعدل والأخلاق".
الى ذلك بينت الزميلة ورود لطيف، من تلفزيون "العراقية" قائلة: "روحي فداء لقواتنا التي ننعم بالطمأنينة في ظلها الوارف، رجال أشداء لا ينحنون إلا لله ورأفة بمن يحتاج مساعدتهم". وأضافت: "لن تفارق ذاكرتي انحناءة الجندي راكعاً كي تدوس عجوز مهجرة صاعدة من على ظهره الى السيارة، أية رجولة رؤوف تلك التي يجب أنْ نفخر بها".
أكد د. ثائر يعقوب: "تأسس الجيش العراقي في عهد الملكية لكنه ما زال يحرس الجمهوريات المتلاحقة؛ لأنه جيش وطني للعراق وليس لسواه"، مرجحاً: "تحية له بشهدائه وأحيائه المنذورين للحياة في سبيل الله بالضد من شعار الإرهاب في الموت من أجل الشيطان".
أضاف مدير الإنتاج الدرامي في شبكة الإعلام العراقي المخرج وديع نادر: "تأسَست أولى وحَدات القوات المسلحة خلال عهد الانتداب البريطاني للعراق، لكنه أسهم في التحرر من الأجنبي". متابعاً: "بارك الله بقواه التي تزداد تألقاً كلما عركته
الملاحم".