علي حسن الفواز
العراق بيت المسرح.. هذه ليست يافطة، أو عنوانا للاستهلاك، بقدر ماهي حقيقة ترتبط بتاريخ من الانجازات التي حملت معها مسؤولية التأسيس وريادة الفعل المسرحي الذي تحوّل الى قيمة ثقافية، والى رؤية نهض بها الرواد الذين أرادوا من الفن المسرحي أن يكون فنا جامعا، و» أبا للفنون» كما تقول التسمية، لأن هذه الأبوة هي قوة خلاقة ارتبطت بوعي الجمال والمعرفة
مثلما ارتبطت بالانفتاح على جميع التجارب العالمية والعربية الرائدة، فكان ستانسلافسكي يحضر مع بريخت، مثلما يحضر رشاد رشدي مع زكي طليمات، ونجيب سرور مع صلاح عبد الصبور، وحقي الشبلي ويوسف العاني وابراهيم جلال وجاسم العبودي وخليل شوقي وبدري حسون فريد وسامي عبد الحميد وفوزية عارف، وطه سالم وزينب وناهدة الرماح وغيرهم، مع اجيال أكثر تمردا مثل صلاح القصب وشفيق مهدي وسامي قفطان ومحسن العزاوي وفاطمة الربيعي وجواد الاسدي وفاضل خليل ومقداد عبد الرضا وجواد الشكرجي وعقيل مهدي وميمون الخالدي وبهجت الجبوري، وشذى سالم وسهى سالم وسناء عبد الرحمن وعزيز خيون وعواطف نعيم وعبد الخالق المختار وايناس طالب والاء حسين وكريم رشيد وسمر محمد وحكيم جاسم وحيدر منعثر، ومحمود ابو العباس، والاء شاكر ومحسن العلي، وغانم حميد، وغيرهم ليرسموا خارطة لمسرح عراقي هو الوجه الآخر للحراك الشعري الذي كان يملك رياديته العربية المميزة.
الاحتفال بيوم المسرح العربي، هو مسؤولية للاحتفاء بالتاريخ، وباستعادة السيرة التي كرسها الرواد، عبر عملهم المؤسسي، أو عبر جهودهم وانجازاتهم، وعبر اشتغالاتهم في المناطق الصعبة، ولاشك فإن هذه الاستعادة ستكون دافعا حقيقيا للتجاوز، ولتأكيد الحضور في السياق الثقافي، على مستوى ابراز اهمية التجربة العراقية المسرحية، وفوزها بكثير من الجوائز العربية، او على مستوى التجديد الذي نهض به الرواد، ويواصل انجازه الجيل الجديد، الذي يدرك خطورة التحدي ومسؤولية استمرار الجدّة، لاسيما أن العمل في ظل ظروف صعبة، وفي ظل متغيرات ثقافية وسياسية سيكون رهانا كبيرا، وتحديا أكبر، وأن التجارب العربية الجديدة قد كرست وجودها في الظاهرة المسرحية العربية، واظهرت مستويات مهمة، تعكس مدى الاهتمام الذي بدأ يحظى به المسرح عربيا، من خلال الدعم المالي والمؤسساتي، ومن خلال الايمان بأن للمسرح رسالة انسانية وثقافية معرفية، لها دورها في خلق رأي عام ثقافي، تفاعلي وتواصلي.
من هنا ندرك مسؤولياتنا جميعا في مشاركة اشقائنا العرب بهذا اليوم الثقافي، ومن منطلق ابراز مايحمله المسرح من رسالة، ومن قيمة، ومن مسؤولية يدرك اهميتها المسرحيون العراقيون أنفسهم، اذ يعني هذا الاحتفاء مسؤوليات مركبة، ابرزها التحدي، والحضور، واستمرار التواصل، فرغم كل مايجري، علينا أن ندرك صناعة الرسالة المسرحية، والوفاء للرواد، والاحتفاء بالاجيال الجديدة التي تحمل معها هاجس التجديد، والرغبة في استمرار حضورهم عربيا، بوصفهم ينتمون الى بلد كان رواده من المؤسسين الاوائل للمسرح العربي، وهذا مايعزز خيارنا بضرورة دعوة الدولة بمؤسساتها الثقافية للاهتمام بهذا الجانب الريادي المهم، ووضع البرامج والمشاريع لدعمه واسناده لكي يستعيد دوره الخلاق من التاريخ الى
الحاضر.