آباءٌ يسحبون حضانة البنت من الأم عبر تزويجها

من القضاء 2021/01/10
...

 إيناس جبار 
 
 
من أجل سحب الحضانة من الأم، يعمدُ كثيرٌ من الآباء في الفترة الأخيرة على تزويج بناتهم المراهقات ممن تتمتع الأمهات المنفصلة بحضانتهن، لا سيما إذا كانت الأم متزوجة من رجلٍ آخر، وهو عرفٌ عشائريٌّ كان يحلُّ سابقاً بالتراضي، إلا أنَّ هذا الالتفاف القانوني وجد صدى لدى كثير من الآباء نكاية بالأم أو لسلب حقها بالحضانة لتذهب بذلك الفتاة ضحيَّة لهذه الصراعات.
«الصباح» أعدت تقريراً تضمن آراء قانونيين متخصصين لتوضيح الأسباب والعقوبات التي تفرضُ على مستغلي هذه الفقرة.
وتقول القاضية نور عدنان من محكمة الأحوال الشخصية في الكرخ: إنَّ «القانون لم يحدد سناً للفتاة المراهقة وتشرع لها فقرة خاصة لكنه أشار إلى أنَّ سن الحضانة هو تمام العاشرة من العمر، وللمحكمة أنْ تأذن بتمديد الحضانة حتى إكمال الصغير الخامسة عشرة من العمر إذا 
ثبت لها بعد الرجوع إلى 
اللجان المختصة الطبية منها أنَّ مصلحته تقضي بذلك».
وأضافت عدنان أنَّ «المادة 57 الفقرة الخامسة من قانون الأحوال الشخصية خيرت المحضون بعد بلوغه الخامسة عشرة بين حضانة أمه أو أبيه أو أحد الأقارب إذا آنست منه رشداً».
وترى القاضية أنَّ «قانون الأحوال الشخصيَّة يحوي مساحة قانونيَّة واسعة، لا سيما في النصوص الواجبة الاتباع، إذ تتخللها اجتهادات وقرارات توضح مساحة تكييف النص القانوني، وفي كل الأحوال ليس هناك نصٌ قانونيٌّ محددٌ يفصل أو يشرح حضانة البنت المراهقة».
وتعرج القاضية على حالات تزويج البنت المراهقة لأجل سحب الحضانة من الأم، وتقول: إنَّ «معظم الحالات تكون برضا البنت لأنه في هذه الحالة تسحب الحضانة من الوالدة وتكون بمعيَّة الزوج، إذ تعدُّ بالغة وليس لها حضانة كونها في ذمة الزوج؛ أي أنَّ الزواج ينفي الحضانة كونها قاصراً تزوجت بإذن المحكمة وهي بذلك بالغة وليست محضونة».
وتوضح القاضية بأنه «إذا ثبت أنَّ الأب زوجها قصراً أو بالإكراه فالمادة التاسعة من قانون الأحوال الشخصيَّة تقول إنه لا يحق لأحد من الأقارب أو الغير إكراه الشخص على الزواج، سواء كان ذكراً أو أنثى، وحددت عقوبته الفقرة الثانية من المادة التاسعة بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات إذا كان قريباً من الدرجة الأولى، أما إذا كان قريباً من الدرجات الأخرى فتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنوات ولا تقل عن الحبس ثلاث سنوات».
وتذكر القاضية حالات وأمثلة وردت للمحاكم كـ«تنازل الأب عن حقوق القاصر عند تطليقها أو تزويجها لأحد أقاربها كونها شابة مراهقة والعرف العشائري لا يتقبل بقاءها مع زوج الأم».
وعن المعاملات الرسميَّة للمحضون تشير إلى أنَّ «الولاية المطلقة أو الولي الجبري تكون للأب ووصاية الأم تكون وصاية مؤقتة، أما في حالة وفاة الأب فلكل حالة خيار إما تكون للأم أو الأجداد».
من جانبها، تلفت المحامية رجاء المعموري إلى أنَّ «الفقرة (1) من المادة (57) من قانون الأحوال الشخصية نصت على أنَّ (الأم أحق بحضانة الولد وتربيته حال قيام الزوجيَّة وبعد الفرقة ما لم يتضرر المحضون) وعليه لا يعتد بتنازل الأم عن الحضانة لخلع أو غيره، لأنَّ الحق هنا للمحضون وليس للأم، وتعلقها بالنظام العام الذي لا يجوز الاتفاق على خلافها أو التنازل عنها، ويمكن للأم الحاضنة استعادة حضانتها للمحضون حتى لو كانت الحضانة نزعت منها بموجب قرار حكم».
وتؤكد بأنه «يشترط في الحاضنة أنْ تكون أمينة، بالغة، عاقلة وقادرة على تربية المحضون وصيانته ولا يعد زواج الأم الحاضنة لأجنبي من موجبات سقوط حضانتها عنه وللمحكمة في هذه الحالة أنْ تقرر أحقية الأم أو الأب في الحضانة في ضوء مصلحة المحضون».
وتستنكر المعموري حالات تزويج الفتيات المراهقات بأنه «يعدُّ من ناحيتين تزويج قاصر وسلباً لإرادتها في سحبها من حضانة والدتها»، مبينة بأنه «التفافٌ على القانون يقوم به بعض الآباء لأجل سحب حضانة البنت المراهقة أو القاصر وأغلب الفتيات في هذا الشأن يكن مسلوبات الإرادة وضحية النزاع حول حضانتها».