الانستغراميون هم الأكثر حزناً

منصة 2021/01/19
...

 عفاف مطر
 
لا شكّ أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي بالرغم من كل سلبياتها إلا أنَّ لها دوراً فاعلاً في الحياة العامَّة، وتأثيراً مباشراً وغير مباشر في الحياة الشخصيَّة للناس، ويتفق أغلب الناس أنَّ "الفيسبوك" وهو الرائد في هذه الموجة العالميَّة، أصبح أقل شعبية من بقيَّة بعض الوسائل التي جاءت بعده، ولا سيّما الانستغرام، ويعزو البعض في ذلك، أنَّ بعض البوستات تتسم أحياناً بالحزن والكآبة، ذلك أنَّ مستعملي "الفيسبوك" ينشرون حالتهم التي لا تكون بطبيعة الحال سعيدة دائماً، على العكس من الانستغرام الذي يعجُّ بالصور والحالات السعيدة وأخبار المشاهير ومنصة الفاشنيستات الرئيسة.
أغلب صور "الانستغرام" سعيدة ومبهجة وإنْ كانت مليئة بالفلاتر؛ إلا أنَّ "الانستغرام" يبقى المكان الأكثر سعادة وهنا المشكلة والمفاجأة الكبرى! كيف؟ قامت Royal society for public health بنشر تقرير لها، ورد فيه: أنَّ أكثر مكان يشعر الناس فيه بالتعاسة هو الانستغرام! إذ جاء في التقرير أنَّ أكثر من 63 % من مستعمليه تملؤهم مشاعر سلبيَّة وهم يتصفحونه، نحن أولاً وأخيراً كائنات اجتماعيَّة، نتأثر بما نراه، فإذا ما تصفح أحدهم الانستغرام ورأى هذا القدر الكبير من الصور السعيدة والجميلة، بينما هو لا يملك جزءاً يسيراً من هذه السعادة، لن يشعر فقط بالحزن، بل تتضاعف مشاعر الحزن لديه، لأنه سيقارن ما لديه بما لدى غيره، مهما كان ما لديه كثير، هناك من ينشر صوره مع سيارته الجديدة الفخمة، أو مع زوجته الجميلة جداً (بالفلاتر طبعاً)، وهناك من يقضي عطلته في باريس وآخر في إيطاليا، وأخرى تتبضع من مول ضخم داخل محل مجوهرات أو دار أزياء ماركة.. الخ إذنْ لماذا يستعمل الناس تطبيقات تجعلهم يشعرون التعاسة والحزن؟ أثبتت الدراسات أنَّ الذين يقضون أكثر من ساعتين في اليوم على أحد هذه التطبيقات، الفيس، الانستغرام، السناب شات وغيرها معرضون للإصابة بالقلق أكثر من غيرهم، وأنَّ من يستعمل هذه التطبيقات قبل النوم، معرض أكثر من غيره للإصابة بالأرق.
كما تثبت بعض الدراسات أنَّ تسع فتيات من أصل عشر لا يشعرن بالرضا عن أجسادهن، لكن تتابع الفتيات بشكل نهم الفاشينستات والممثلات والعارضات.. الخ، ما يسبب لهن عداءً تجاه ذواتهن أكثر، نرجع ونكرر السؤال: إذن لماذا يستعمل الناس تطبيقات تجعلهم يشعرون بالتعاسة والحزن؟
في لقاء نشر بالـ Guardian مع Justen Rosenstein وهو مبتكر علامة اللايك بالفيسبوك، ذكر أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي باتت أشبه بالهيروين، واضافة علامة اللايك في الفيسبوك في لعام 2009، جعل الناس يستمدون قيمة محسوسة لمنشوراتهم من عدد اللايكات، لهذا في 2016 تطور اللايك ليشمل أكثر من شكلٍ واحد، مثل القلب والغضب والحزن، فما كان من تويتر إلا أنْ يضيف هو الآخر رمز القلب، وكذلك الانستغرام، وبالتالي هذه العلامات تعطي محفزاً أكثر لمستعملي هذه المنصات للاستمرار باعتبارها محفزاً لنشر المزيد.
Nir Eyal أستاذ في جامعة ستنافورد، في كتابه (Hooked) يقول إنَّ مصممي وسائل التواصل الاجتماعي مختصون في صناعة العادات عند مستعملي منصاتهم، مثل عادة فتح الموبايل عند الاستيقاظ من النوم، أو تصفح الفيسبوك عند الشعور بالملل، أو الاعتماد على الغوغل في كل صغيرة وكبيرة.. الخ وهذا يفسر إدمان البشريَّة على هذه الوسائل. تقرير الـ Royal society for public health ذكر أيضاً ترتيب هذه الوسائل حسب الأقل ضرراً، فجاء اليوتيوب في قمة الهرم، يليه التويتر ثم الفيسبوك، ثم السناب شات، وأخيراً الانستغرام.
بيني وبينكم التقرير لم يذكر الجوانب السلبية التي اختصرتها لكم فقط، بل ذكر الجوانب الإيجابيَّة أيضاً وهي كثيرة جداً، لكنْ بما أنكم مدمنو وسائل السوشيال ميديا فليس من داعٍ لذكرها.