شهدت تقنية التعرف على الوجه الكثير من التطورات خلال الفترة الأخيرة، قبل
سنوات قليلة فقط كانت هذه التقنية
مجرد فكرة نشاهدها في أفلام الخيال
العلمي، ولكنها سرعان ما تحولت إلى
حقيقة حيث بدأ استخدامها في العديد من المجالات.
تستخدم تقنية التعرف على الوجه لتحديد
أو تأكيد هوية الأفراد من خلال الصور الرقمية أو مقاطع الفيديو، وذلك من خلال
مقارنة الوجوه المختارة – المراد تأكيد
هويتها – بالوجوه المحفوظة داخل قاعدة البيانات، ويتم استخدامها من قبل وكالات إنفاذ القانون ويمكن مقارنتها مع القياسات البيومترية المختلفة مثل التعرف على بصمات الأصابع أو قزحية العين، ولكن مؤخرًا استحوذت عليها بعض الشركات والمؤسسات لاستخدامها كأداة للإعلانات حيث أن الغالبية العظمى من العملاء الآن لديهم كاميرا بالهاتف الذكي تدعم تقنية التعرف على الوجه Face Recognition وتساعد في أداء بعض المهام مثل تأمين فتح الهاتف أو تأمين المعاملات المالية.
قيمة سوقيَّة مرتفعة
ومن المتوقع أن تصل قيمة السوق العالمي لكاميرات التعرف على الوجه وبرمجياتها إلى 7.8 مليار دولار بحلول العام 2020 وفقًا لتوقعات مؤسسة "Markets and Markets" لأبحاث السوق، وقد بدأ الآن استخدام هذه التقنية في مجالات مختلفة مثل مساعدة البنوك على تأكيد هوية العملاء وتمكين الحكومات من البحث عن المجرمين وتأمين المطارات، ومن المتوقع أن تكون الحاجة المتزايدة للمراقبة في الأماكن العامة أحد العوامل الرئيسة التي تدفع نمو سوق تقنيات التعرف على الوجه.
وفي التقرير الآتي بعض أبرز البلاد التي بدأت في الاعتماد على تقنية التعرف على الوجه:
الصين
الصين هي الدولة الأكثر استخداما لتقنيات التعرف على الوجه على مستوى العالم حتى الآن، إذ لديها ما يصل إلى 170 مليون كاميرا للمراقبة بالفيديو، ومن المتوقع أن يتم استخدام400 مليون كاميرا أخرى في السنوات الثلاث القادمة. وهناك عدد كبير من هذه الكاميرات تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعرف على الوجه.
وفي العام 2017 قدمت الصين طلبات لما يزيد عن 900 براءة اختراع للتعرف على الوجه، بالمقارنة مع 96 براءة اختراع فقط في الولايات المتحدة.
وأعلنت الصين مؤخرًا أن أكثر من 60 من مطاراتها قد تم تزويدها بتقنيات التعرف على الوجوه، حيث تلتقط الكاميرات في 557 قناة أمنية صور الوجوه وتفحص جوازات السفر الدولية أو بطاقات الهوية لتأكيد شخصيتهم.
كما اعتمدت جامعة بكين للمعلمين Beijing Normal University على تقنية التعرف على الوجه في الحرم الجامعي لتأكيد هوية الطلاب في الحضور والإنصراف.
وقد وصل الأمر بالصين إلى استخدام تقنية التعرف على الوجوه في المراحيض العامة كجزء من حملة وطنية لتعزيز السلوك في الأماكن العامة، فبمجرد أن يتم مسح الوجه من خلال تقنية التعرف على الوجه يتم منح الشخص تلقائيًا 40 سم من المناديل الورقية، حسبما ذكر الموقع الإخباري الصيني Rednet.cn.
سنغافورة
أعلنت سنغافورة خلال العام 2018 أنها ترغب في وضع كاميرات مُجهزة بتقنيات التعرف على الوجوه على أكثر من 100 ألف عمود إنارة في شوارع المدينة لتمكين السلطات من تحديد الوجوه والتعرف عليها.
يُعد هذا المشروع الذي أطلق عليه اسم "Lamppost-as-a-Platform" جزءًا من خطة
الدولة الذكية Smart Nation plan في سنغافورة للاستفادة من التقنيات المتطورة لتعزيز حياة الأفراد، ومن المقرر أن يبدأ البرنامج التجريبي للمشروع خلال هذا العام، وقالت الدولة: "إن التقنية ستُمكنها من إجراء تحليلات جماعية ودعم عمليات مكافحة الإرهاب".
ومن بين المؤسسات التي تتنافس للتعاقد مع سنغافورة لتنفيذ هذا المشروع شركة Yitu Technology وهي شركة صينية تقدم كاميرات التعرف على الوجه إلى جهات إنفاذ القانون في ماليزيا، ولكن سنغافورة تنظر في استخدام التعرف على الوجه لاكتشاف الأفراد الأكبر سناً الذين فقدوا في المدينة.
وفي هذه الأثناء يحاول مطار شانغي
في سنغافورة استخدام أنظمة للتعرف على الوجه التي يمكن أن تساعد في المستقبل في تحديد مواقع المسافرين المفقودين أو
أولئك الذين يتسببون في تأخر رحلات بسبب قضاء أوقات أكثر من اللازم في الأسواق الحرة، والآن تستخدم صالة T4 فقط في مطار شانغي تقنية التعرف على الوجوه لمساعدة المسافرين في حل مشكلاتهم الخاصة بالسفر.
ماليزيا
في شباط 2018 كشفت الخطوط الجوية الماليزية منخفضة التكاليف AirAsia – وهي أول شركة طيران في آسيا تستخدم
تقنية التعرف على الوجوه – عن نظام تجريبي لتسريع التخليص في المطار يحمل اسم Faces، ويهدف إلى الاعتماد على تقنية التعرف على الوجه لتمكين المسافرين من الوصول إلى رحلاتهم بشكل أسرع.
تمكن هذا النظام من تحقيق نسبة نجاح في إثبات الهوية تصل إلى 80 %، كما سيساعد على تقليل زمن إجراءات الصعود إلى تسع أو عشر دقائق بعدما كان يستغرق الأمر من 11 إلى 13 دقيقة وفقًا للمنهجية العادية.
الولايات المتحدة
تسعى جميع المطار الأميركية بشكل تدريجي نحو استخدام تقنيات التعرف على الوجه، إذ سعت هيئة الجمارك وحماية الحدود بالولايات المتحدة – وهي أكبر وكالة فيدرالية لإنفاذ القانون في وزارة الأمن الداخلي للولايات المتحدة – إلى استكشاف طرق مختلفة لاستخدام كاميرات التعرف على الوجه في 13 مطاراً.
بعد التجربة تم اختيار مطار أورلاندو Orlando الدولي كأول مطار في الولايات المتحدة الأميركية للاستفادة من تقنيات التعرف على الوجه للتحقق من كل وافد قادم إلى البلاد، إذ يستغرق النظام أقل من ثانيتين لمسح الوجه بدقة تصل إلى 99 %.
أما الآن فيتم استخدام برنامج يُسمى Biometric Exit لتتبع الأفراد الذين يحملون تأشيرات مغادرة للولايات المتحدة من خلال التعرف على الوجوه، كما تعتزم الحكومة الاستفادة من تقنيات التعرف على الوجه في المناطق المحيطة مع المكسيك لتصفية الأفراد والمركبات.
الإمارات العربية المتحدة
تُعد الإمارات العربية المتحدة من الدول الرائدة في استخدام التقنيات الجديدة، ومن أهم هذه التقنيات هي تقنية التعرف على الوجوه، وبشكل عام فقد بدأت الدولة في الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لمراقبة وحماية الحدود.
كما يوجد في مطار دبي الدولي نحو 80 كاميرا للتعرف على الوجه لتأكيد هوية المسافرين خلال 10ثوانِ، ما يساعد في اكتشاف أي تهديد أمني بسرعة.
وقد تم اعتماد ذلك النظام من أجل أتمتة مكاتب الهجرة في دولة الإمارات العربية المتحدة بالكامل بحلول العام 2020 من خلال استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعرف على الوجه لتأكيد هوية الأشخاص المسموح لهم بدخول البلاد.