المخاوف الخليجية .. والرسالة الكويتية!

الرياضة 2021/01/31
...

علي رياح  

قبل زيارة منتخب الكويت الأخيرة إلى البصرة ، لم أجد في صحيفة كويتية أي شكل من أشكال الاعتراض على توقيت الزيارة إلى البصرة فضلا عن تفسيرها .. وفي صراحة متناهية كان قلبي يحمل بعض المخاوف من ارتدادات التفجير الإرهابي الذي وقع في ساحة  الطيران على النية الكويتية في السفر إلى ثغر العراق الجنوبي ، لكن الوقائع في يوم وصول وفد (الأزرق) كانت مبهجة للنفس ، وهذا ما كان سهل الاستدلال على الوجوه التي استقبلناها عند واجهة فندق البصرة الدولي .. كانت وجوها مستبشرة لا تبدي أي قدر من مشاعر القلق أو هواجس الخوف ، وقد بادرني أكثر من صديق في الوفد الكويتي على الفور بالقول : إن من يقرأ من الخارج عن الوضع الأمني في العراق بين مدة وأخرى لا بد أن تداهمه الظنون ، ولكننا – على العكس – من ذلك كنا مصرين على القدوم إلى البصرة لنحمل إليها رسالتنا التاريخية العميقة ومضمونها الارتباط بين الشعب الواحد في الدولتين ، وقد كنا أحرص على أن تمضى الزيارة ونحمل بعدها رسالة التطمين إلى الشعب الخليجي ، لنقول لهم : لقد كنا في البصرة وعشنا التفاصيل بأنفسنا ، ولا يصحّ أن تبقى هذه الجفوة بينكم وبين إسناد ملف خليجي 25 إلى هذه المدينة التي تحمل فضلا تاريخيا واجتماعيا وثقافيا ورياضيا على دول الخليج برمتها..  
بعض الأشقاء في الوفد الكويتي ذهبوا إلى أبعد من هذا ، وهنا كانت الفرحة والدهشة حقا  على وجوهنا .. هناك من خرج بمفرده ليتمشى على الكورنيش عند المقاهي والمطاعم التي يشمخ قبالتها تمثال شاعرنا الكبير السياب ، وثمة من ذهب إلى العشار وفتح موبايله الصغير لكي ينقل صورة حيّة من المناطق المحاذية لهذا النهر الذي يرتبط بأحلى ذكريات الأشقاء الخليجيين خلال عقود مضت!  
كان الكويتيون في أوج الرغبة في أن يروا الوقائع والحقائق على الأرض ، وكنا بالمقابل نجد في انطباعاتهم أبلغ وأهم رسالة ستنطلق من البصرة إلى جميع دول الخليج ، وهذا ما تحقق بالفعل وفي أبهى صورة .. هذه الصورة التي كان إطارها رقصة العرضة أو السامري والتي انهمك فيها الجميع ابتداءً من رئيس الوفد وحتى آخر عضو فيه ..  
لا يمكن هنا أن يشوب الصورة أي تزويق أو تشويه .. فلقد انتشى أشقاؤنا طربا بالعراق والبصرة ، وقرأت في عيونهم رغبة أكيدة في مغادرة كل تبعات وجرائر حماقة آب 1990 .. وحسنا يفعلون ، فإذا كان التاريخ في ذلك المفترق الدامي قد ظلم الشعبين ، فإن للجغرافيا حكما لن يتغير .. إنه حكم الجوار الأبدي الذي يجب أن نحيطه بالرعاية والأمان وحسن 
الجوار..