أمجد ياسين
ما الجديد؟ تتباين الآراء قبل وبعد كل دورة من دورات مهرجان المربد الشعري بين داعم لها ورافض، حتى بات الامر اشبه بدعاية انتخابية. الجديد في هذه الدورة ان وزارة الثقافة قررت اول الامر عدم دعم المهرجان المؤمل انطلاق دورته الـ 34 في البصرة، لماذا وكيف؟ يبدو ان لوزراة الثقافة اسبابها، اذ تجد ان المهرجان فقد بريقه واصبح مناسبة للقاء الادباء والباحثين والشعراء من دون ان يكون هناك انجاز مهم يتمخض عنه، لذا هي تبحث عن بديل اكثر حضوراً. والسؤال هنا ما هو البديل؟ يبدو ان الجواب يحتاج الى وقت لينضج على نار الدورات السابقة والنظر الى التجارب الناجحة وبالتأكيد لن يحل الامر قريباً. وما بين النوع والكم تقف الخبرة في التنظيم مصداً حقيقياً لتسوية الامور. خصوصا وان رأي الشارع الثقافي كان مع اقامة المهرجان عبر اعادة التواصل مع الوزارة للوصول الى نقاط مشتركة، وهذا ما حدث، اذ تناقلت اخبار الاربعاء الماضي اجتماعا لوزير الثقافة بإدارة المهرجان ويبدو ان الامور قد حلت.
في اوروبا يقدم الدعم بعد ان تقدم ميزانية كاملة وتفصيلية بأبواب الصرف الى الجهات المانحة، وتناقش كل التفاصيل وربما تقلص الفقرات او يعدل عليها، ليقدم الدعم مشروطا، وربما الى فقرات محددة من الميزانية دون غيرها. بعض الداعمين يهتمون بتكاليف السفر على سبيل المثال، والبعض الآخر بالإقامة والطعام او طبع المنشورات.. وهكذا لا يقدم الدعم مجانا من دون تدقيق ومتابعة. وبهذه الطريقة يكون الدعم في محله مما يعزز أجندة المهرجان.
في حال المربد الحالي فإننا نؤشر أننا ليس في حال طبيعي كبقية العالم، بدءا بجائحة كورونا التي اوقفت الحياة سنة كاملة، غاب عنها النشاط الثقافي والادبي، واكتفى فيها الادباء بملازمة الحياة وقاية من فيروس يفتك بالصغير والكبير، ومن هنا فان اقامة مهرجان شعري ثقافي ادبي له اولوية انسانية قبل ان تكون ثقافية، شيء اخر مهم لا بد ان ننوه عنه، وهو اننا نشهد جفاف روافد ثقافية وفنية كثيرة في العراق، المسرح العراقي اليوم يعاني شح التمويل وندرة العروض، الدراما العراقية ولجانها العديدة لم تثمر لنا الا اعمالا على عدد اصابع اليد الواحدة، اما السينما فحدث ولا حرج.
إن إدامة النشاطات الثقافية،ضرورة ملحة وليست بطرا، للمحافظة على ما تبقى من روح ثقافية تعرضت طيلة عقدين او اكثر الى اهمال مقصود لتجفيف منابعها. لا يجب ان نربط الثقافة بالمال، فالاموال المبعثرة طيلة السنوات الماضية هنا وهناك تنتج مئات الافلام السينمائية والعشرات من المهرجانات والمسرحيات والدراما التلفزيونية، فاين ذهبت وماذا انتجت؟
لقد وجدت اوروبا بعد حربين عالميتين في الثقافة حلا ناجعا لمحاربة التطرف والجريمة ولتخليص العقل البشري مما علق به من تشويه ودمار ولاعادة بنائه من جديد، هكذا فكر المسؤول في اوروبا لمحاربة التطرف في الفكر والدين والسياسة.الثقافة العراقية اليوم بحاجة الى دعم حقيقي وهذا حقها، ولابأس بتصحيح المسار وتفادي الاخطاء وابداء الملاحظات.