د.حسين جابر الخاقاني
اعتمدت الحكومة في السنوات السابقة سياسة اقتصادية مبنية على التوسع في الانفاق العام، وكان من اهم مظاهر هذا التوسع هو تحقيق زيادة في عدد العاملين من خلال خلق وظائف حكومية خلال السنوات السبعة عشر الماضية مع زيادات في الرواتب والمخصصات مع زيادة القوة الشرائية للدينار العراقي الى اكثر من الضعف منذ عام 2003. مما حفز الانفاق الاستهلاكي لدى الجمهور وادى الى خلق طبقة تجارية كبيرة لتلبية الطلب المتزايد على السلع الاستهلاكية.
إن تحفيز الطلب المحلي من قبل الحكومة هي سياسة اقتصادية لتحقيق اهداف اقتصادية تنعكس على التنمية وتشغيل البطالة والتخفيف من الفقر وزيادة موارد الدولة، لكن تلك السياسة لم تسهم في تحفيز النشاط الانتاجي وانما أسهمت في تعطيله لصالح النشاط الاستيرادي لسد الحاجات الاستهلاكية المتزايدة معتمدة على ايرادات النفط لتنفيذ هذه السياسة.
ولتحفيز النشاط الانتاجي اعتمدت موازنة 2021 على رفع سعر صرف الدينار العراقي امام الدولار الاميركي لإتاحة قدرة تنافسية اعلى للقطاع الصناعي. وهذا يحقق جزءا من الاثر الايجابي المطلوب، ولكن يتطلب خفض الضرائب والرسوم على القطاعات الانتاجية لتلافي انكماش الطلب الاستهلاكي والاستثماري معاً. وهذا الخفض في الاعباء المالية يمكن توجيهه نحو المراكز الانتاجية التي تساهم في سد نسبة من الحاجة المحلية من الانتاج، وتشغيل نسبة من البطالة، واستخدام نسبة اكبر من المواد الاولية المتوفرة .وتصدير الناتج . كما ان تزايد الضغط على دخول شريحة الموظفين والمتقاعدين سيكون مثبطا للإنفاق والاستثمار .
من تزايد النشاط الانتاجي وتصدير السلع التامة الصنع او نصف المصنعة تتوفر العملة الاجنبية من دون الاعتماد الكلي على مبيعات النفط الخام وتتحقق زيادة موارد الدولة. وينبغي التمييز بين استيراد السلع الاستهلاكية او الكمالية عن غيرها من المستوردات الداخلة في العملية الانتاجية كالسلع الرأسمالية آلات ومعدات وقطع غيار وتكنولوجيا وسلع وسيطة. وافضل وسيلة للتمييز هو اعتماد سعر صرف تفضيلي وحوافز مالية، ويمكن التعبير عنها بإنشاء دينار حسابي كأصل من الاصول المالية التي تستخدم في النشاط الانتاجي، ويمنح ذلك الدينار للمشاريع التي تحقق قيمة مضافة وتشغل نسبة من البطالة وتصدير نسبة من
انتاجها .