دانت الصين الأسبوع الفائت ما وصفته بأنه "الدوافع السياسية" للولايات المتحدة بتوجيهها الاتهام لعملاق الاتصالات الصيني "هواوي" في قضية يُرجّح أن تفاقم التوتر في العلاقات بين القوتين العظميين.
13 اتهاماً
وأعلنت وزارة العدل الأميركية عن 13 اتهاما ضد "هواوي للتكنولوجيا" ومديرتها المالية مينغ وانتشو ابنة مؤسس المجموعة، وضد شركتين تابعتين للمجموعة العملاقة على خلفية انتهاك العقوبات الأميركية على إيران.
واتُهمت الشركة أيضا بسرقة تكنولوجيا، وذلك في نفس اليوم الذي وصل فيه كبير المفاوضين الصينيين في الملف التجاري إلى واشنطن لإجراء محادثات في غاية الأهمية مع مسؤولين أميركيين، ما سيعقد على الأرجح تلك المحادثات مع اقتراب نهاية هدنة في الحرب التجارية بين البلدين أعلنت حتى آذار سعياً للتوصل إلى تسوية.
ودخلت كندا على خط الخلاف منذ توقيفها مينغ بموجب مذكرة من الولايات المتحدة الشهر الماضي، ما أثار أزمة دبلوماسية بين أوتاوا وبكين، التي كررت دعوة كندا لإطلاق سراحها والولايات المتحدة لإلغاء المذكرة بحقها.
وقالت وزارة الخارجية الصينية إن هناك "دوافع سياسية قوية وتلاعبا سياسيا" في ملف التهم.
وقال المتحدث باسم الوزارة غينغ شونغ في مؤتمر صحافي روتيني: "منذ فترة، تستخدم الولايات المتحدة سلطة الدولة لتشويه وقمع شركات صينية محددة في محاولة للتضييق على العمليات الشرعية والقانونية للشركات".
وأضاف "نحض الولايات المتحدة بقوة على وقف الاضطهاد غير المنطقي للشركات الصينية ومنها هواوي، ومعاملتها بطريقة عادلة وبموضوعية. وستدافع الصين بحزم عن الحقوق والمصالح المشروعة للمؤسسات الصينية".
انتكاسة جديدة
وتمثل لائحتا الاتهام انتكاسة جديدة للشركة، التي حظرت معداتها من شبكات محلية في الولايات المتحدة واستراليا ونيوزيلندا وسط مخاوف أمنية.
وإلى جانب اتهام مينغ والشركة بالاحتيال على خلفية انتهاك العقوبات على إيران، تم اتهام شركتين تابعتين لهواوي بسرقة تكنولوجيا مرتبطة بصناعة الروبوتات من شركة تي-موبايل.
وقال مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) كريستوفر راي إنّ "مجموعتي الاتهامات تفضحان تصرفات هواوي السافرة والمستمرة لاستغلال الشركات الأميركية والمؤسسات المالية وتهديد سوق العمل العالمي الحر والعادل".
وقال المدعي العام الأميركي بالوكالة ماثيو ويتكر إنّ لائحة الاتهامات لا تتضمن أي دور مفترض للحكومة الصينية في القضيتين.
غير أنه أضاف "كما قلت للمسؤولين الصينيين في آب، على الصين ان تحاسب مواطنيها والشركات الصينية في ما يخص الامتثال للقانون".
ومن جانبها نفت هواوي في بيان أن تكون "الشركة أو أي من فروعها أو الشركات التابعة لها ارتكبت أياً من الانتهاكات للقانون الأميركي المذكورة في لائحتي الاتهام".
كما أكّدت أن "لا علم للشركة بأي مخالفة من جانب السيدة مينغ ونؤمن أنّ المحاكم الأميركية ستصل في النهاية لنفس الاستنتاجات".
مذكرة تسليم
قدمت الولايات المتحدة مذكرة رسمية تطلب تسليمها مينغ، وفق شبكة سي.بي.سي التلفزيونية الكندية، وستمثل مينغ أمام المحكمة في 6 شباط في كندا.
وبعد تسعة أيام على توقيفها في فانكوفر في الأول من كانون الأول، قامت السلطات الصينية بتوقيف كنديين اثنين في خطوة اعتبرت ردا للضغط على اوتاوا.
والتهم المرفوعة ضد مينغ أمام محكمة فدرالية في نيويورك، تقول إنه بين 2007 و2017 سعت مينغ وهواوي والشركتان التابعتان لها للتستر على أنشطتها مع إيران في انتهاك للعقوبات الأميركية والدولية عليها.
وتضيف التهم إن مينغ بشكل خاص "كذبت تكرارا" على مسؤولي المصارف بشأن العلاقات بين الشركات وخصوصا شركة "سكايكوم"، وهي شركة متفرعة عن هواوي في إيران.
وقالت وزارة العدل الأميركية إن ذلك ينتهك القوانين الأميركية لأن التعامل مع إيران يتضمن تعاملات بالدولار الأميركي تجريها مصارف عن طريق الولايات المتحدة.
وأضافت بأن هواوي والشركتان التابعتان لها كذبت على السلطات الأميركية وعرقلت التحقيق.
وتذكر لائحة الاتهام بأن مؤسس هواوي -- رين جينغفي، المهندس السابق في جيش التحرير الشعبي الصيني -- والمشار له ب"الشخص رقم واحد" في وثائق المحكمة -- "كذب في قوله" إن الشركة "لم تتعامل بشكل مباشر مع أي شركة إيرانية" خلال مقابلة أجراها معه مكتب التحقيقات الفدرالي إف.بي.آي في تموز 2007.
غير أنه لم يتم توجيه اتهام لرين.
سرقة أسرار تكنولوجية
وتقول لائحة الاتهام الثانية إن هواوي قامت بمجهود منسق لسرقة تكنولوجيا مرتبطة بروبوت لاختبار الهواتف يطلق عليه "تابي" من مختبرات "تي-موبيال" الأميركية في ولاية واشنطن.
وقال ويتكر إن مهندسي هواوي التي كانت تقوم بتزويد تي-موبايل بالهواتف، التقطوا صورا وأخذوا قياسات لأجزاء من الروبوت "بل حتى سرقوا قطعة منه".
وقالت وزارة العدل إن الشركة الصينية قدمت في تموز/يوليو 2013 مكافآت لموظفين "على أساس قيمة المعلومات التي سرقوها من شركات أخرى حول العالم، وقدموها لهواوي عبر عنوان إلكتروني مشفر".
وتأتي الاتهامات بالتوازي مع وصول نائب رئيس الوزراء الصيني ليو هي إلى واشنطن الإثنين لترؤس محادثات تجارية هذا الأسبوع، وفق وسائل إعلام رسمية صينية.
وأكد وزير التجارة ويلبر روس الذي كان يتحدث مع مسؤولي وزارة العدل لدى الإعلان عن توجيه الاتهامات، إن التهم "منفصلة تماما عن مفاوضاتنا التجارية مع الصين".
غير أنه أضاف أن وزارة "التجارة ستواصل العمل مع شركائنا داخل الوكالات لحماية مصالح الأمن القومي الأميركي".