حنون مجيد: نجاحي في القصة القصيرة جدا يشـعـرنــي بـوخـزات إنـعـاش مـتـوالـيــة!!

ثقافة 2021/02/07
...

عبدالجبار العتابي
ينتمي القاص والروائي حنون مجيد الى جيل الستينيات الذي صنع له هوية ابداعية ومميزة وطوال عقود من الكتابة اسس مجيد له حضوراً فاعلا في المشهد السردي العراقي استضافته الصباح للحديث عن تجربته الابداعية.
* ما السحر في القصة القصيرة جداً لكي تستمر في كتابتها؟
- لا ينحصر السحر في كتابة القصة القصيرة جداً وحدها، بل هو نوع من الاستجابة الطبيعية، وقل الفطرية لكل عمل فيه إنجاز ملحوظ أو تحقيق نجاح مشهود. تجد ذلك في الرواية والقصة القصيرة والقصيدة والمسرحية وقصة الطفل، بل وفي مجمل الأعمال التي تتحرك ضمن دائرة الإبداع بما فيه صناعة كرسي جميل في دكان نجار. وربما كان السحر في القصة القصيرة جداً، إنه متواتر على تواتر عدد ما تكتب وتحقق نجاحاً في ذلك، وإنه ليشعرني بوخزات إنعاش متوالية تكاد تكون شبه يومية ما دمتَ مصراً على التواصل مع هذا اللون الجميل، وما دامت الكتابة فيه ابتكاراً مستمراً وغير منقطع كذلك. 
* كيف يمكن أن تضبط بناء قصصك ما بين قصيرة وقصيرة جداً؟
- هناك ضوابط - قد تكون وهمية أحيانا - تحدد موضوع القصة القصيرة جداً مثلما تحدد جسدها. بل قل إن ضوابط هذا النوع السردي محددة قبل أن يشرع القاص في تحديدها، إنما جلّ ما عليه أن يحيلها إلى الفن ضمن معايير معاصرة، تتطلب كثافة اللغة، واختزال الصورة، وكسر توقع المتلقي، وحصر الزمن، وضغط الجسد، وإسقاط التفاصيل وغير هذا كثير. ومع ذلك فالموضوع الأنموذج قد يكون عائقاً بين الاثنين، كذلك هو محدد بانتماء القاص النفسي والفني لهذا اللون من دون ذاك، وكم أجهضت قصة قصيرة جداً قصة قصيرة، غير أن ذلك يتوقف في الأخير على مستوى الفن وجودة الإبداع في هذه أو تلك.
* لماذا كتبت الرواية متأخراً، ما الذي أغراك بها؟
- لم أكتب أو أحاول الكتابة في هذا اللون السردي العظيم متأخراً. ولو عدت إلى ما بقي لي من أوراق قديمة لوجدت آثاراً من أو شواهد على كتابة أكثر من رواية، بدأت منذ الستينيات حينما كنت معلماً شبه منفي في عدد من مدارس ميسان، بعد أن كنت طالباً في دار المعلمين في الأعظمية ببغداد لسنتين متتاليتين... حقاً هناك تفاصيل كثيرة حالت من دون التركيز على أو مواصلة كتابة الرواية؛ منها ما تعرضت له من إجراءات سياسية أبعدتني عن الحياة العامة عامةً والثقافية خاصةً، أوهنت الروابط مع الكتابة في أي نوع مدة من الزمن، وحقاً لقد ارتبط هذا الموضوع بي وبغيري على السواء أو هكذا أعتقد... 
* متى وصلت إلى دائرة الشهرة أول مرة؟
- الشهرة هي انحراف نوعي أو كمي عن المستوى العام لفرد أو لجماعة بشرية في شأن. وفي هذا المجال، مجال سؤالكم، يمكن القول إن الشهرة قد تأتي مع لحظة إعجاب أو لفت نظر أو إبهار بعمل محدد واحد وليكن قصة قصيرة واحدة أو مجموعة قصصية أو رواية، ثم هي قد تأتي على مجمل ما يقدم المبدع من أعمال ملفتة في خطها العام. وأعتقد أن شيئاً من هذا حصل لي مع مجموعتي القصصية الأولى "تعاقب الفصول" ومع الثانية "البحيرة"، أما النقطة التي يمكن الإشارة إليها بعد أعمال أخرى، فهي مع روايتي "المنعطف" تحديداً.
* لماذا نتاجك عن أدب الأطفال قليل؟
- ربما هو قليل حقاً، ولكنه ليس كذلك قياساً على ما أنتج غيري من قصاصين وروائيين كتبوا للأطفال، فلدي أربعة كتب للأطفال صدرت عن دار ثقافة الأطفال، والمجموعة الخامسة تمدد إصدارها عن الدار نفسها،ولي مجموعة سادسة أبحث عن ناشر عراقي أو عربي لها.
* ما الذي تركته في كتابتك بيئة الريف؟
- عشت في الريف مرحلتين. مرحلة الطفولة الأولى حتى العاشرة تلميذاً في مدرسة ريفية، ومرحلة أول الشباب معلماً في مدارس ريفية محاددة لمسطحات أهوار ميسان بعد أن حسبت على خريجي دار المعلمين الابتدائية في ميسان التي انتقلت اليها لأسباب قاهرة،كما أسلفت، من دار المعلمين الابتدائية في الأعظمية ببغداد.لقد أصبح التلازم بين الصورتين؛ صورة الذكرى وصورة الواقع المعيش، ملهماً نفسياً وغنياً وجميلاً لكي تتفشى في أعمالي تلك الروائح القديمة والآثار الحبيبة، والإشراقات النفسية المتداعية، وتطبعها بطابعها الذي يجمع بين الجمال والحزن من جهة، وبين الحنين ووقع الحياة الجاف والسريع من جهة أخرى. ولو تحرّيت عن ذلك في بعض أعمالي لوجدته شائعاً في الرواية والقصة القصيرة والقصيرة جداً وقصة الطفل ليس كإلماحات فقط، بل ومباشرة كذلك، وكأنما الحال معي سداد ديْن، لما ثبت في نفسي من شواهد وآثار من هناك.
* متى شعرت أنك لا تريد الكتابة؟
- حقاً لا أظنني شعرت ذلك كثيراً، بل شعرت أنني أريد الكتابة أحياناً فلم أقدر عليها لموانع طبيعية كالمحيط أو المناخ أو العلاقات، أو نفسية كالكسل أو الخمول النفسيين نتيجة ما يحيط بك من تحولات ومتغيرات في الواقع الاجتماعي أو السياسي بوجه خاص. إن عوامل الشد والجذب نحو الكتابة أو ضدها قد تختلف من كاتب إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر كذلك، لكنها قد تكون واحدة في مجتمع مضطرب تضيع فيه فرص التفكير مثلما تضيع فيه فرص العمل، وإلا فالرغبة قائمة ما دمتَ عددتَ نفسك كاتباً أو نحو ذلك.
* ما الذي يتأرجح داخلك؟
- اضطراب الواقع الاجتماعي والسياسي للبلد، واستفحال ظاهرة الفساد المخجلة، وتباين زوايا النظر الحادة بين السياسي الحاكم، وأحرار ساحة التحرير.
* هل يهمّك رأي قراء الفيسبوك بكتاباتك.
- نعم ولكن بدرجة صارت تضعف كلما قرأت الآراء نفسها التي تطلق على قصصي وقصص آخرين. في الأخير أجد أن في هذا المجال فرصة مضافة للتعريف بما أكتب وبنوع ما أكتب.