التخاطب بالقوافي

ثقافة 2021/02/09
...

 حسين الصدر
 - 1 -
التخاطب بين الناس يتم عادة باستخدام المفردات اللغوية المعروفة، وقد تختلف الأساليب في التعبير إلا أنّها لا تخرج عن نطاق التعويل على تلك المفردات أساساً في ايصال المعاني المقصودة الى الآخرين.
  - 2 -
ويُستَثنى مِنْ ذلك فريقٌ واحد فإنّه قد يعمد الى تلك المفردات اللغوية المعروفة ولكن لا يُرسلها إلّا بَعْدَ صياغَتِها صياغةً شعرية تكونُ القوافي فيها اللسانَ المُعبر عمّا تجيش به النفس من أحاسيس وانفعالات وتمنيات.
- 3 -
وهذا اللونُ مِنَ التخاطب بين الشعراء يُطلق عليه عادةً "المساجلات والمراسلات الشعرية".
- 4 -
وفي هذه المقالة الوجيزة نُوردُ إحدى تلك المساجلات التي جرت بيننا وبين صديقٍ شاعر شَهِدْنا له بأنّه شاعرُ الصورةِ المُوحية، ونقل ذلك عنّا الاستاذ الباحث محمد سعيد الطريحي صاحب مجلة الموسم.
وتسألني من هو هذا الشاعر الصديق صاحب الصور الموحية؟
فأقول:
إنه نزار حاتم وقد كتب إليّ يقول:
الحبيب أبداً سماحة الأخ حجة الاسلام والمسلمين السيد حسين الصدر لا حرمنا لقاءه.
وفجأة أحسست ثمة وجيباً يستحضر شخصك الكريم فلم أجد بُداً من كتابة هذه الأبيات التي بين يديك لعلها تحمل بعضاً من سعير الشوق اليك:
وحبيب القلوب
البُعْدُ عنكَ عذاباتٌ أعانيها
تطفو مَعَ الدمعِ إنْ حاولتُ أُخفيها
البُعْدُ عنكَ غيابُ الشمس عن أُفقٍ
غامتْ بأرجائه الدنيا ومَنْ فيها
يا سيدي الصدر لو تنبيكَ عن وجعي
قصيدةٌ شربت دمعي قوافيها
لما استحال التنائي عنك عاصفةً
تُسعِّرُ النار في قلبي وتُطفيها
يا سيدي الصدر هذا الشوق لاعِجُهُ
جَمْرٌ يُلامسُ أنفاسي فيُحصيها
فهل أفيء الى مَرْآكَ ثانيةً
واستلذُّ الأماني في مرافيها؟
فكتبنا له:
الاخ الحبيب نزار لا عدمنا ينابيع مودتك ولطفك
السلام عليك وعلى الاقمار الطالعة في آفاقك ورحمته وبركاته
وبعد: -
فقد جاءت رسالتُكَ بلسماً للجراح وأبياتُك تاجاً لكلّ ما عُرفتَ به من مروءات وبراعات.
وليس هذا منك بعجيب، فألفُ تحيةٍ والفُ شُكرٍ لقلبك الموَّار بالنديّ مِنَ المشاعر والألطاف، ودمتَ مناراً للحب والادب يا أبا إيلاف:
(نزارُ) قافيةٌ في الحب تُزْجيها
أغلى لَدّيَّ من الدنيا وما فيها
وما الوجيبُ لِقَلْبيَنْا سوى لغةٍ
صدقُ الاخوة من أجلى معانيها
فإنْ تكن ظمئت عينايَ مِنَ لَهَفِ
فالشوقُ ينساب دَمْعاً مِنْ مآقيها
(الصدرُ) بعدك ملتاعٌ بَوحْشَتِهِ
طالتْ لياليهِ واشتدت دياجيها
ومُذّ نأيتَ فما ازدانتْ مَجالِسُنا
ولا ازدهى بالقوافي الزُهْر ناديها
تغلي مراجلُ وجدي والهوى شُعَلٌ
بينَ الضلوعِ وأوجاعٌ نُعانيها
كان هذا في مثل هذا الشهر من سنة 1420هـ اي قبل اثنين وعشرين عاماً.
(في الربع الأخير من عام 1999 م)