الأمن الغذائي

اقتصادية 2021/02/12
...

ثامر الهيمص
 
الأمن الغذائي رديف الأمن القومي لاي بلد، كلاهما يعبر عن سيادة الدولة على اراضيها، فالامن يتطلب عناصر تثبته ليستديم في ضوئها، من خلال العلاقة الاقتصادية بين دول الجوار بما يؤمن المصالح المحددة بموجب العرض والطلب، من حيث المبدأ. 
ويبدو ان هنالك ارادة اقليمية اقتصادية للتكامل، سواء من خلال علاقة ستراتيجية او اسواق مشتركة او اتحاد جمركي للدول المتجاورة، وعلاقات ثنائية ذات أفق تنموي او تكاملي بعيدا عن كونها مجرد تجارة تقليدية، بعيدة عن التنافس العشوائي كي لا يدفع ثمنه الطرف الأضعف.  
لكن هذا النمط بالعلاقة مع دول الجوار، كل على حدة، لا يمكن معالجة اخطائه او نتائجه جماعيا بسلة واحدة، كون كل علاقة افرزتها اعتبارات مختلفة، ولذلك فهذه السياسات ستنعكس سلبا من حيث المنافذ الجمركية ومن خلال الاغراق السلعي وصولا للتهريب، كما نلمسه منذ 18 سنة، دفعنا جراءها سنويا الثمن باهظا.
ففي اخر تصريح لوزارة الزراعة، بأن ايقاف التهريب يسهم في تشغيل 5 الاف مشروع دواجن ولحوم في عموم العراق، فضلا عن الالبان، ليوفر فرص عمل للعراقيين.
ويبدو مما تقدم انه وبعد  18 عاما لا يمكن معالجة الامر بالسياسات نفسها، لانها باتت مسألة أمن قومي لا يمكن احتواؤها باجراءات أمنية، اذ ليس من المعقول ان تمر البضائع المهربة من امام 6 سيطرات رئيسة بين كركوك وبغداد من دون ايقافها، حسب تصريح لوزارة الزراعة مطلع الشهر الحالي.   
علينا أن نعترف بوجود مصالح محلية تلتقي اقليميا، وهذا طبيعي، ولكن من غير الطبيعي ان تسيس العلاقة وتتقاطع مع الخط العام للتنمية الزراعية والصناعية، كما لا بد من مراجعة للعلاقات الاقتصادية الاقليمية خصوصا ذات البعد الجمركي الواحد، اذ انه ايضا يواكب ملف الامن الغذائي.لايسعنا ان ننافس في انتاجنا الوطني، نظرا لكلفة الكهرباء، والزراعة التقليدية والتقادم بالمصانع، مع عجزنا بالحماية الجمركية، وبما انه لا يلوح في الافق المنظور توجه اقليمي حقيقي لاقامة اتحاد اقليمي او عربي كالاتحاد الاوروبي او غيره، فعلينا ان نحث دول الجوار على اقامة علاقات تكاملية مع مشاريعنا الوطنية بعلاقات شراكة حقيقية لا تعتريها شوائب الهيمنة والتبعية وتكون أنموذجا موحدا.
فمن دون هذا التوجه سنبقى الطرف الاضعف بين جيراننا، لانهم يملكون بنية تحتية متكاملة تتجه انظارها للسوق العراقية الواعدة، وهذا ما يعزز وحدتنا في قرارنا لاسيما اذا كان جميع الجيران شركاء متكافئين بينهم، فاقتصاد السوق المفتوح عندنا ينبغي ان يشهر افلاسه مع الدفع تجاه تحقيق علاقات تجارية قائمة على تعديل الميزان التجاري للعراق من اختلالاته التي يفتقر اليها جميع جيرانه.