الحب يرى الورود بلا أشواك، بهذا المثل الألماني أبدأ، وأهنئ كل من عمّر قلبه بالحب، ليس لهذا اليوم فقط وإنما لكل يوم يعيشه على هذا الكوكب، هل يكفي يوم واحد للحب؟ إذا كان الرابع عشر من فبراير هو يوم للحب يحتفل به العالم كل سنة، فماذا عن بقية أيام السنة؟ ولماذا أصبح هذا اليوم مقتصراً على الحب بمعناه الضيق بين الرجل والمرأة؟ كيف تحول هذا اليوم من نشأة دينية مرتبطة بالقديسين اللذين يحملان الاسم نفسه (فلنتاين) وقتلا في ظرفين ومكانين مختلفين، ليصبح عيدا
ً للعشاق؟.
يمكن تتبع الكثير من المعلومات بنشأة عيد الحب وعلاقته بالقديسين (فلنتاين) في الويكيبيديا وبشكل مفصل الى أن تحول الاحتفال من شكله الديني الى احتفال بالخصوبة ومواسم الزواج، ونسي الناس بمرور الزمن أمر القديسين ليصبح العيد للعشاق فقط. يرسل العشاق في هذا اليوم باقات الورود الحمراء والكارتات الحمراء أيضاً المزينة بالأزهار وطيور الحب للتعبير عن المشاعر، لأن اللون الأحمر ارتبط منذ قديم الزمان بالحب والبهجة، هل سيبقى القلب فارغاً حتى الرابع عشر من فبراير من السنة المقبلة؟ يوم واحد للحب؟ يا للخسارة، لماذا لا نعمّر قلوبنا بالحب في الأيام جميعها؟ ولماذا نقصر الحب على تلك العلاقة الخاصة بين الرجل والمرأة فلا نخرجها الى الفضاء الأرحب، الحب بمعناه الذي يسع الكون ولا تحده حدود؟.
كم واحدا منا نظر في الصباح الباكر الى السماء ورأى صفاءها، أو غيومها التي تأخذ أشكالا غريبة مرسومة بريشة فنان لا نراه ولكننا نحس بقدرته؟ منذ متى لم نلق نظرة على شجرة نمر بها أو ورود نسقيها ولا نتمعن بجمال ألوانها؟، إنها لمحنة أن نملك عينين ولا نرى بهما الأشياء الجميلة.. وكم واحدا منا جلس وقت الإفطار وتناول طعامه بهدوء مستمتعاً بمذاقاته؟ كم واحدا منا شكر الله على نعمه التي أغفلها في زحمة الحياة، نعمة النظر، نعمة القدرة على العطاء، نعمة العقل الذي نسيّر به حياتنا، نعمة الصبر على الشدائد، أليست هذه النعم وكثير غيرها تدخل في نسيج الحب بمعناه الكوني؟.
هل فتحت صندوق رأسك في هذا اليوم وأخرجت منه بعض الأسمال لترميها وتقرر أن لا تستعيد ذكرياتها السيئة؟ هل يمكن في هذا اليوم الذي يعج بالورود ويتفتح للحياة أن تنظر الى داخلك وتتذكر بأنك لم تسامح شخصاً أحببته على زلة لسان فتعيد النظر وتعيد الوصل الذي انقطع بتسامحك معه لتنعم بالسلام؟، كل ذلك مصدره الحب، الحب غير المرتبط بأربع وعشرين ساعة بل بسنين العمر كلها.
شخصياً لا أهدي الورود ولا الكارتات في هذا اليوم، ولمن يراسلني ويقدم لي التهنئة أرد بأحسن منها، وهي باقات من أقوال بقيت خالدة لمجموعة فلاسفة وكتاب لا أرى أجمل وأعمق منها، وبدوري أهديها لكم.. إنها دعوة للحب:
من أقوال مولانا جلال الدين الرومي في الحب:
ـ ما لامس الحب شيئاً إلا وجعله مقدساً.
ـ الحب هو الجسر الذي بينك وبين كل شيء،
ـ إن رأيت هذا الرأس مليئاً بالسعادة، ومتحمساً بالفرح، كل ليلة وكل نهار، اعلم أن أصابع الحب لامسته.
ومن أقوال شمس التبريزي:
ـ الحب هو أن لا تخاف وأنت في وسط بحر من الخوف.
ويقول الفيلسوف الهندي أوشو:
ـ أؤمن دوماً أنه لا يوجد إلا نوع واحد من الفقر في هذا العالم، وهو عدم القدرة على الحب.
ـ الحب قوة، لا يقدر عليه إلا الأقوياء، لا مجال هنا للضعفاء والمهزومين نفسياً.
ومما قاله برتون:
ـ ليس ثمة حبال أو سلاسل تشد بقوة أو بسرعة كما يفعل الحب.
ومن أقوال افلاطون:
ـ الحب هو المخرج الوحيد من اللاوجود الى الوجود.
ويقول أيضاً:
ـ كل إنسان يصبح شاعراً إذا ما لامس الحب قلبه.
ومثلما بدأت بمثل، أختم بمثل من إيطاليا:
ـ تبدو الأخطاء كبيرة عندما يكون الحب صغيراً.