في محاولتها الأولى
لتدوين البكاء
اتخذت من ضوء القمر متكأ
فارتعشت روحها بالبياض
حينها اعتدت ظل عطرها
وهي تغرسني
في تضاريس وجهها
***
ذات ليلة حدثتني
كيف تستفيق معها
عيون النخيل
وهي تختفي مثل نجمة
يطاردها الفجر
لتشطب الجوع
بمحراث مواسمها
وتصوغ لنا من سنابل
شعرها تيجان الرغيف
***
ساعةَ الغروب
كنت أشم أنفاس روحها
عندما ألوذ مستجيرا
بسواد أيامها
وأتأمل الشتاء
كيف يطير مبتعداً
حينما يورق الدفء
من أصابعها
***
وإذا داهمني الحزن
تدقُّ طبول قلبها
فتلمُّني بعباءة صبرها
وتعمدني بلهاثها
حتى أفيق
***
كلما حدثتني عن طفولتها
تتهاوى النجوم من عينيها
وأنا ممسك بأطراف نعاسها
مذهولا أنحني كي لا تسقط
فوق استقامتها السماء
***
وعندما وضعتني قرب نافذتها
القديمة لأكبُرَ.. اتسعت أمامي
كل نوافذ الكون
وصارت لعبتي المفضلة
أن أملأ الدفاتر بالطيور.
وحين استفاقت على تقاويم
السنين وقد ملأت وجهي
توسلت بالتراب الذي تحت قدميها
أن يسأل الله لكي أصغر
***
وفي الحروب تغزل
جدائلها أدعية وتعاويذ
وتقف مكسورة
كقطرة ماء تلوذ في التراب
حتى أعود
***
وفي ما تبقى من عمرها
أجّلت آلامها وانشغلت بكشف
بيادر فضتها للسماء
وكنت أصغي إلى - ما لا يُسمع
من ارتعاشة شفتيها -
وهي تهمس
في كوّة
أنثال ضوء المزارات على إيقاع
غربتها حتى إذا تهدج الدعاء
من بين كفيها
ترمي بآخر دموعها
ليستفيق الفجر أملا
لآخر نهاراتها.