تشجيع التنافسيَّة

اقتصادية 2021/02/14
...

محمد شريف أبو ميسم
 
في بلد يعتمد على الاستيراد في تلبية 90 بالمئـة من حاجته المحلية من السلع، يكون من الحكمة فيه خفض سعر صرف العملة المحلية، لتشجيع التنافسية واقامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة واستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر للدخول في مشاريع استثمارية محلية، بدفع من التغيرات التي تطرأ على الاجور وكلف الانتاج التي ستبدو أكثر انخفاضا مع ارتفاع سعر صرف الدولار.
بيد أن المتغير في معادلة سعر الصرف مع العملات الرسمية للدول المجاورة التي تتخذ من السوق المحلية منافذ لتصريف سلعها، يجب أن يكون منسجما بين القيمة السعرية للعملة المحلية مع عملات تلك الدول، التي تكون قادرة على الخوض في أجواء التنافس مع المشاريع المحلية، بفعل قدرتها على ادامة الانتاج واغراق السوق المحلية بمزيد من السلع بهدف اخراج المشاريع الجديدة من دائـرة التنافس، ما لم تتم السيطرة على المنافذ الحدودية وتطبيق قوانين حماية المنتج المحلي والتعرفة الجمركية بكل صرامة وجدية. 
وبخلاف ذلك فإنَّ تفسير خفض سعر الصرف الرسمي لا يعدو أن يكون أكثر من التمهيد لانخفاضات أخرى هدفها الوصول الى مرحلة تحرير سعر الصرف تبعا لاسلوب التعويم المدار الذي تتدخل فيه السلطة النقدية في حدود معينة من التذبذبات السعرية بهدف المحافظة على الاستقرار النقدي، حيث تترك العملة لقوى العرض والطلب وقد تتحرك فى مديات محددة لا يجوز فيها عبور هذه الحدود ارتفاعا ونزولا، وذلك خلال مدة زمنية محددة يحددها البنك المركزي، وعند هذا المستوى من الثبات في سعر الصرف عبر اسلوب التعويم المدار تكون التنافسية في ذروتها، تبعا للطلب الكلي الذي سيميل لصالح المنتجات المحلية.
وهذه الحالة تحتاج الى وقت طويل ومنهج عمل رصين تتدخل الدولة في ادارته في بادئ الأمر لتخفيف وطأته على الفقراء قبل الوصول الى مرحلة ترك كل شيء لالية السوق. ومن بين أهم واجبات الدولة في حالتي رفع سعر الصرف، أو التمهيد لتحرير سعر الصرف بهدف تشجيع التنافسية، هو السيطرة على المنافذ الحدودية لحماية المنتج المحلي ودعم المشاريع الجديدة، التي عادة ما تكون فيها كلف الانتاج مرتفعة في بادئ الأمر، وهذا ما ننتظره من الجهات ذات العلاقة بشأن حسم ملف المنافذ الحدودية وجعله تحت ادارة الحكومة المركزية، وبخلافه فان الحكمة تقتضي ترك هذا الملف للحكومات المحلية ومنحها صلاحية التعاطي مع منتجات المحافظات الأخرى كما في كثير من الدول التي تعمل بالنظم
 الفيدرالية