مؤتمر الفولكلور العراقي

ثقافة 2021/02/14
...

لؤي حمزة عباس
 
يترقب المعنيون في العراق انعقاد مؤتمر التراث الشعبي في دورته الأولى، أواخر آذار المقبل، تحت شعار (الفولكلور العراقي في عالم متغيّر)، النشاط الذي تنهض به الجمعية العراقية للتراث الشعبي بالتعاون مع كلية دجلة الجامعة، وهي مناسبة تحقق أملا طال رجاؤه منذ توقف الأنشطة والفعاليات المعنية بالتراث الشعبي العراقي قبل ما يقارب الأربعين عاماً، وانحسار الدور الذي طالما نهضت به مجلة (التراث الشعبي). إن جمعية التراث تُعيد العمل على ملف طالما شُغل به أساتذة أجلاء منذ منتصف القرن الماضي، واضعين الحجر الأساس للعمل في حقل التراث الشعبي بوصفه ركناً حياً من أركان الهوية العراقية، ووجهاً مشرقاً من وجوه الحياة على هذه البقعة من العالم. والجمعية التي أُسست في بغداد في العام 2019، تستعيد دعوات أُطلقت منذ ستينيات القرن العشرين من قبل الأستاذ محمود العبطة المحامي، لتأسيس جمعية لم تر النور وقتها، مثلما قُدّم لأكثر من مرّة مقترحُ تشريع اتحاد الباحثين الفولكلوريين في العراق، لم ير النور هو الآخر، ليظل العملُ في حقل التراث الشعبي، على الرغم من أهميته وثرائه وصعوبة الخوض فيه، وقفاً على الجهود الفردية للمعنيين بالعمل الفولكلوري، الشغوفين بالروح العراقية وما يصدر عنها، وإيمانهم بدور العمل المنظّم في النهوض بحقول الإبداع الشعبي، وهي جهود تستحق الإكبار والتقدير لما قدمه أصحابها من إسهامات رفيعة، كان من ثمارها الطيبة تأسيس مجلة (التراث الشعبي) برئاسة تحرير الأستاذ إبراهيم الداقوقي، واستمرارها أهلية الطابع منذ أيلول 1963 حتى أيلول 1969، التاريخ الذي شهد تحويلها إلى التمويل والإشراف الحكوميين على يد الأستاذ لطفي الخوري، قبل أن يتم ربطها بالمركز الفولكلوري.
 إن انفتاح المؤتمر على محاور مثل استقبال الفولكلور العراقي في عصر المعلوماتية، والاهتمام بصناعة جيل جديد يُعنى بالفولكلور ويُدرك أهميته، والسعي من أجل تأكيد دور المعرفة المنهجية في دراسة الفولكلور العراقي، وتوجيه عناية المؤسسة الأكاديمية لتطوير آليات البحث العلمي، سيعزز، بلاشك، العمل المنظم في حقول التراث الشعبي، ويطوّر الجانب الحرفي منه، فضلا عن تحقيق موقع فاعل للتراث الشعبي في مجالات التربية والتعليم.
إن التراث الشعبي العراقي، بحقوله الواسعة الثرية، يزدهر وينمو بالعمل الدؤوب المتصل، ويعاني الاندثار إذا ما هُجر وأُهملت حقوله، وما مؤتمر التراث الشعبي إلا محاولة فاعلة لتجديد الأمل بقدرة الأنشطة الثقافية على تحريك مفاصل أساسية في حياتنا والنهوض بها، بعد أن عانت عقوداً طويلة تبعات التجاهل والإهمال.