عودة الصورة النمطيَّة للمرأة

ثقافة 2021/02/15
...

نهى الصراف
 
 
مع مرور أكثر من عام على أزمة كورونا وتزايد التكهنات بشأن امتدادها إلى زمن أطول من ذلك بكثير، بحسب متخصصين، فإن الأدوار المتعددة التي أخذت تمارسها المرأة بدأت تشكل حملاً ثقيلاً على كاهلها، فضلاً عن أن بعض الرجال، بسبب ضغوطات نفسية ومادية، تراجعت نظرتهم في ما يتعلق بالمساواة وحقوق المرأة إلى مراحل زمنية بعيدة، في الوقت الذي باتت فيه المجتمعات غير مستعدة اقتصادياً لدعم المرأة وحتى لو توافرت الفرصة فهي شحيحة وتتطلب تضحيات كثيرة معظمها يأتي على مصلحة دورها كأم وربة 
منزل.  
يبدو أن الحديث عن هذا الأمر أصبح بالغ الحساسية، وهذا ما حصل في آواخر الشهر الماضي بعد أن تسبب مجرد إعلان على مواقع التواصل الاجتماعي في عاصفة من الانتقادات والتأويلات. ظهر الإعلان في البدء كغيره من الإرشادات الروتينية التي دأبت الحكومة البريطانية على نشرها في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، لحث الناس على البقاء في المنزل، لكنه تلقى موجة من الانتقادات بسبب تقديمه المرأة بصورة نمطية واضحة.
وأظهر الإعلان الذي حمل شعار “ابقَ في البيت، أنقذ الأرواح. فيروس كوفيد - 19 الجديد ينتشر بسرعة”، صورة نساء يدرسّن أطفالهن في المنزل، ويقمن بالأعمال المنزلية، في حين يظهر الرجل الوحيد في الرسم وهو مسترخٍ على
أريكة.
اعترفت ناشطات بأن الإعلان يحمل بعض الحقيقة، إذ إن المرأة تقوم بأغلب أعمال ومسؤوليات المنزل خاصة في هذه الفترة الزمنية الملتبسة، لكن أن يتم الترويج للفكرة من قبل جهات عليا فهذا أمر مثير للاستغراب.  ومع أن المسؤولين سرعان ما أزالوا الإعلان وأكدوا أنه لا يعكس وجهة نظرهم تجاه المرأة بأي حال، فإن الانتقادات لم تتوقف وسط مخاوف من تبني المجتمعات لهذه النظرة القاصرة مع حقيقة أن الأصوات المعارضة كانت في مجموعها أصوات 
نسائية.
إلى جانب الرجال، تتقدم مزيد من السيدات حول العالم للعمل التطوعي بشتى أنواعه، خاصة مع ارتفاع حاجة المجتمعات لأعمال التكافل الاجتماعي في ظل تداعيات جائحة كورونا، إذ يقمن بأعمال التطوع لتقديم خدمات لكبار السن من المرضى أو من غير المصرح لهم بمغادرة منازلهم بوصفهم الحلقة الأضعف، فيما تواصل بعض السيدات العاملات وظائفهن من المنزل جنباً إلى جنب مع مسؤولياتهن في الاهتمام بالأطفال وإدارة متطلبات الحياة اليومية، فلا يجدن حرجاً في ذلك، في الوقت الذي يكتفي فيه الرجال بالقيام بأعمالهم الوظيفية سواء من المنزل أو مقر العمل بالوتيرة ذاتها، من دون تحمل مسؤوليات المنزل الإضافية على الرغم من أن الاتجاه في الغرب يختلف كثيراً في ما يتعلق بالمساواة في الواجبات بين الطرفين. من جانب آخر، فإن عددا لا يستهان به من النساء حول العالم نجحن في حلّ اللغز وخلق التوازن بين العملين، لكن هذه النسبة تراجعت أيضاً خلال العام 
الماضي.
وفقاً لتقرير دولي صادر عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة، فإن من المحتمل أن يؤدي الوباء العالمي الذي سببه فيروس كورونا، لنسف جهود بذلت خلال الـ 25 سنة الماضية بهدف المساواة بين الرجل والمرأة، حتى أن أكثر الدول تقدماً لم تظهر اختلافاً واضحاً في النتائج. هناك خسارة في فرص التوظيف والتعليم، كذلك تراجع في الصحة النفسية والجسدية، ومن ضمن الأسباب في قائمة تضحيات نسبة كبيرة من النساء بوظائفهن العام الماضي، صعوبة إيجاد بديل لإدارة المنزل ورعاية الأطفال خاصة بعد أن أغلقت المدارس ورياض الأطفال والحضانات أبوابها، تماشياً مع قوانين الحجر الصحي التي فرضتها معظم بلدان العالم.. وإذ يحصل الجميع على فرص متساوية تقريباً على فسحة زمنية من الرياضة الصباحية واستنشاق الهواء النقي في المتنزهات، فإن الأمهات قلما يجدن هذه الفسحة لانشغالهن بأعمال التنظيف والطبخ ومتابعة دروس الأبناء في
المنزل.