نجم الشيخ داغر
ونحن نقترب من ذكرى شهادة الامام موسى بن جعفر (ع)، لا بدَّ لنا أن نقف قليلا ونسأل عن تأثير سجنه ودوره بزعزعة أركان الدولة العباسية.
كان لوجود الإمام في السّجن مغزى سياسي، وقيمة جهادية كبرى، خصوصًا خلال تنقله بين السجون ومتابعة أنباء الأمة لأخباره، فقد كان وجوده (عليه السَّلَام) يغذي روح الثورة والرفض والمقاومة، ويضفي عليها صفة الشرعية، لذلك كان الامام يرفض التوسط لدى الحكام لإخراجه من السّجن، ولما أحس هارون أن روح المقاومة الصَّامتة التي أبداها الامام (ع) في السّجن اخذت طريقها إلى النفوس، وأن مواقفه بدأت تتفاعل مع وعى الجمهور وإحساس الأمة، شرع بالتخطيط لقتله، الامر الذي ادى الى حدوث ثورات كبرى على الحكومة العباسية، ادت لاضعافها ومن ثم سقوطها .
الامر نفسه حدث مع حكومة الطاغية صدام، حينما كان يأمر بسجن العلماء والابرياء من العراقيين، لمجرد عدم سيرهم في ركبه والهتاف له، ما ادى الى حدوث ثورة كبرى على حكمه المتعسف، سميت بالانتفاضة الشعبانية، لم يلبث بعدها إلا سنوات معدودات وانتهى في حفرة قذرة، قبل أن يعدم كأي مجرم عاث في الارض فسادا.
المؤلم إن ضحاياه من المعتقلين الذين كانوا سببا لفضح اساليبه القذرة وحقده على الانسان أمام الرأي العام العالمي، يتعرضون الآن لظلم يستهدف قوتهم وقوت أسرهم، يتمثل هذا الظلم بقطع منحهم التقاعدية، منذ سبعة أشهر بقرار حكومي، بحجة ان المادة 10 من قانون التقاعد تمنع الجمع بين راتبين، متناسية أن ما يتقاضاه المعتقلون، يعد منحة في عرف القانون وليس راتبا تقاعديا ، خاصة اذا علمنا انها ستنقطع اوتوماتيكيا بعد مرور 10 سنوات من الاستلام.
مرت الان سبعة اشهر ولا يزالون يطالبون باطلاق منحهم ولكن من دون فائدة تذكر، مع ان كل المشرعين البرلمانيين المعنيين بالامر قدموا للحكومة شروحات بأوراق رسمية، تؤكد شرعية المنح المقدمة للمعتقلين، لكونهم مشمولين بقانون مؤسسة السجناء السياسيين ، بيد ان الحكومة مصرة على قطعها، ومن دون اي مسوغ قانوني، سوى تفسيرها الخاص للمادة 10 من قانون التقاعد .
الغريب وهذا ما يجول في نفوس المعتقلين وأسرهم الفقيرة، هل يمكن ان يكون الاصرار على قطع منحهم التقاعدية استهدافا لهم؟ ولماذا في هذا الوقت بالذات؟، هل هو صراع ما بين الحكومة والبرلمان، دفعت ثمنه هذا الشريحة المظلومة في العهدين؟، ام ان هناك وراء الأكمة ما ورائها.
المشكلة ان اغلب من قطعت منحتهم هم من صغار الموظفين، الذين يتسلمون رواتب قليلة، وكان يعتمدون على المنحة المذكورة لتسيير شؤونهم المعاشية، فضلا عن ان هناك الكثير منهم تسلم عليها قرضا او اشترك بسلفة ويسدد منها.
من هنا يناشد المعتقلون وأسرهم المتضررة في العهدين، حكومة السيد الكاظمي اطلاق منحهم المتوقفة من دون اي مسوغ قانوني، رأفة بهم وبتضحياتهم، التي لولاها لما وصل اكثر المسؤولين الى مناصبهم الحالية .