شكر حاجم الصالحي
تتصفحه بعناية فتجد فيه تاريخك وملابسات حياتك في ذلك الزمن، وتفرح لأنَّ (جمجمة بابل.. سيرة مكان) يصدر في هذا الوقت برعاية ودعم ابن القرية ذاتها المهندس سليم الربيعي، ولست بصدد عرض موضوعات الكتاب التي بلغت أربعين موضوعاً بموضوعات مختلفة، سأشير الى بعضها لعلاقته بالموروث الشعبي وعادات وتقاليد أهلنا الغابرين، وقبل هذا لا بُدَّ من إلقاء بعض الضوء على تاريخ الجمجمة وسبب تسميتها، فقد تعددت الآراء والأقوال والتخريجات عن تلك القرية الصغيرة التي تقع على ضفة نهر الفرات على مشارف مدينة الحلة الاثريَّة/ التاريخيَّة، وفي هذه الآراء ما يختلط فيه الأسطوري بالواقعي، فالجمجمة (قرية ترجعها الحكايات والأساطير الى أيام بابل أو قريباً منها.. وللحفاظ على الخزين من حكايات قرية الجمجمة والأهل من الآباء والأمهات والأجداد جاءت هذه السيرة على شكل كتاب يحكي قصة قرية في ريف بابل من العراق من الغلاف الأخير للكتاب.
ولمؤلف هذا الإصدار الفريق الركن سعد خضير العبيدي تولد 1946 عشرون كتاباً في العلوم العسكريَّة والدراسات النفسيَّة والروايات والبحوث التخصصيَّة.
والجمجمة قرية منذ أنْ بنى فيها أول فلاح بيتاً من طين بعد إنباته نخلة وحتى الآن لم تتغير، وسوف لن تتغير/ ص178، في حين يرى محمد أنَّ الجمجمة كانت موجودة حسب ظني قبل زراعة بساتينها القائمة عالياً، ويضيف محمد في حواره مع ابي كريم: "ألم تتذكر أنَّ حكايات آبائنا وأجدادنا تقول إنَّ الإمام علي (ع) قد مرَّ من قربها بعد عودته من معركة النهروان، كلّم جمجمة كانت على الطريق، سألها عن مكان مناسب لعبور رتله النهر فدلته على المكان عبر بساتين القرية، ومن بعد هذا سميت القرية بالجمجمة، تسمية تعني أنَّ القرية كانت موجودة منذ ذلك الزمن.
وهناك آراء أخرى تقول: إنها موجودة قبل العصر الإسلامي بمدة طويلة، يصلها البعض بالعصر البابلي، يدعمون رأيهم هذا بإشارات عن كونها جزءاً من العاصمة البابليَّة وكانت موجودة داخل سورها آنذاك، ويشيرون الى أنَّ تسميتها بالجمجمة جاءت من الكلمة السومرية (جم جم) أي كم كم التي تعني أرضاً منخفضة فيها ماء، ص/179، كما أنَّ آراءً أخرى استندت الى المنطق في تفسير الاسم، ذكرت أنَّ القرية وجدت من قرون بمحاذاة مقابر أهل بابل التي تقع عادة خارج السور، وعلى الأغلب وجد مؤسسوها الأوائل وهم يشيدون بيوتهم بعض عظام وجماجم، ومن الاستدلال واقتران المكان أخذت القرية اسمها.
ومن موضوعات الكتاب المهمة رغم أنَّ كل الموضوعات ذات أهمية في التعرف على الجمجمة، إلا أنني ارتأيت الإشارة الى الموضوعات ذات العلاقة بإرثنا الجميل وحكايات أهلنا المعبرة عن بساطتهم وتمتعهم بقدرٍ عالٍ من التكاتف والتعاون بمنأى عن الضغائن والأحقاد التي تثيرها المصالح الأنانيَّة الضيقة من بعض مجتمعاتنا الزراعيَّة، ومن أجل ما في الكتاب كما أسلفت: الغجريَّة الشقراء، واقعة "دﮔـة" عاكف، طنطل وشجرة السدر، نهوة عرس، يوم دخول المذياع، عميد القرية شعيب، القديس حنتوش، شجرة السدر المقدسة، فضلاً عن العديد من الصور بالأسود والأبيض لشخصيات من القرية وبعض صور المواقع التي أوردها المؤلف العبيدي كوسيلة إيضاح لإيصال أفكاره الجميلة الى القارئ المحب لتاريخ قريته ووطنه.
ولا يعني هذا الإيجاز الاستغناء عن قراءة (جمجمة بابل/ سيرة مكان) ففي صفحاته الـ(388) الكثير من النافع والممتع والجديد.