نوزاد حسن
وأنا أستمع الى تقارير المختصين في علم الوبائيات، وهم يتحدثون عن السلالة المتحورة من كورونا، وصفاتها الجديدة ومن تصيب وعن اعراضها على المرضى، أعجب كثيرا لذلك الفيروس، الذي لا يرى بالعين المجردة كيف يعي ذاته، ويعي ما حوله، والاهم من ذلك انه يستجيب لعملية تحديث نفسه، وكأنه يرفض ان يكون فيروسا مقلدا بلا ملامح، انه يريد أن يكون ذاته مئة في المئة.
سلالة متحورة، ما معنى هذا؟ معناه إننا امام فيروس اخر غير كوفيد – 19، وإن كان من السلالة نفسها، ينتشر أسرع بكثير، ويصيب الاطفال والشباب اصابات بليغة على خلاف الاعراض السابقة، وقد سجلت وفيات لأطفال بأعمار مختلفة، وهذا امر خطير جدا، لا سيما بعد تصاعد اعداد الاصابات بالفيروس في الايام الثلاثة، التي فرض فيها حظر شامل سيطبق لاسبوعين.
قد تتم العودة الى الحظر الشامل، لو بقيت اعداد الاصابات مرتفعة، هذا احتمال وارد، وقد اعلنت اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية انها ستراقب الوضع الصحي، وسترفع توصيات الى رئاسة الوزراء تنسجم مع اي تطور جديد يحدث على ارض
الواقع.
لا أحد ينكر ان تنفيذ قرارات اللجنة العليا للصحة ضرورية، خاصة ما يتعلق بفرض غرامات على المخالفين والذين يهملون الالتزام بلبس الكمامة او خرق وقت حظر التجوال، إن اللجوء الى هذا الاسلوب فرضته شراسة الفيروس وسرعة انتشاره، لكن هل يمكن أن تكون الاجراءات الصحية صارمة التطبيق، من دون ان يكون هناك تحرك حكومي على المستوى الاقتصادي، يخفف من اعباء الضغط المادي على الكسبة واصحاب الاعمال اليومية؟
قد يكون الامر في حدود الاحتمال حتى هذه اللحظة، إن ثلاثة ايام من الحظر الشامل انقضت، وسيعاود الناس اعمالهم تحت مراقبة عيون الاجهزة المختصة، لكن القضية ستتعقد اذا ما فرض حظر للتجوال لمدة اسبوعين لتطويق السلالة المتحورة، هنا سنكون امام محنة حقيقية، كل هذا يجعلنا نقول إن على الحكومة أن تنفذ خطة اقتصادية طارئة، لمن يعيش على مردود عمله اليومي، وهذا الاجراء الاقتصادي لا يقل أهمية عن الالتزام بلبس الكمامة، وعدم الخروج من المنزل الا للضرورة، وقد تكون تجارب الدول في مواجهة كورونا دليلا جيدا لنا، ذلك لأن تلك الدول لجأت الى الحلين السحريين معا، الحظر والمساعدة
المادية.