كيف أصبحت روسيا أكبر مُصدِّر للغاز في العالم؟

اقتصادية 2021/02/24
...

 الكسندر رومين ترجمة: شيماء ميران
 
تمتلك روسيا اكبر احتياطيات الغاز في العالم وتصدره بنشاط إلى الخارج، ولطالما كان اعتماد اقتصادها على موادها الخام، كما اظهرها الفنان المعاصر فاسيلي لوزكين في لوحاته، لكن كيف وصلت لذلك؟.
كم تملك روسيا من الغاز؟
بحسب غرفة الحسابات في الاتحاد الروسي، الهيئة البرلمانية الرئيسة المشرفة على عمل الحكومة، فان روسيا لديها اكبر احتياطي للغاز في العالم وسادس اكبر احتياطي من النفط، اضافة إلى الحصة الرئيسة من موارد العالم من النيكل، وبلاتينويد، والذهب، وخامات الحديد والعديد من المواد الاخرى.
 
وتصل القيمة الإجمالية من الاحتياطيات المعدنية الروسية المستكشفة والمقدرة إلى 28 تريليون دولار في سوق الاسعار العالمي، ويمثل النفط والغاز والفحم ثلاثة ارباع هذا المبلغ، في الوقت ذاته، تمتلك احتياطي غاز طبيعي مؤكدا، كافياً يدوم لأكثر من خمسين عاماً مقبلاً.
يقول أوليغ شيريدنيشنكو، الاستاذ المساعد في قسم الاقتصاد النظري لجامعة بليخانوف الروسية للاقتصاد: «ان روسيا تمتلك اكبر حجم من احتياطي الغاز الطبيعي المؤكد، يصل إلى ما يقارب 20 % من الاحتياطيات العالمية».
وبالمجموع يقدّر احتياطي الغاز الروسي بـ38 تريليون متر مكعب، تليها ايران بـ32 تريليون متر مكعب، ثم قطر بـ 24.7  تريليون متر مكعب.
 
مبيعات روسيا من الغاز الطبيعي
في العام 2019، قامت شركة غازبروم المحتكرة للغاز الروسي بتصدير ما مجموعه 236.9 مليار متر مكعب من الغاز، وهو الرقم الاعلى في تاريخ الشركة.
ويتضمن ذلك 199.2 مليار متر مكعب إلى دول خارج الاتحاد السوفييتي سابقا، ويمثل هذا 98.7 % من المسجل عام 2018، و2.5% اكثر من عام 2017، ووصل تزويد بعض الدول الاوروبية مثل فرنسا، النمسا، هنغاريا وهولندا اعلى مستوياته. 
اما في العام الماضي وبسبب جائحة كورونا، ووفقا لتوقعات شركة غازبروم فان تصدير الغاز الى دول خارج الاتحاد وصل إلى 170-165 مليار متر مكعب. 
 
كيف اصبحت روسيا اكبر المصدرين؟
يعد امتلاكها لاحتياطي ضخم وتكاليف الإنتاج الواطئة عاملين رئيسين وراء كون روسيا المصدر الاكبر في العالم للغاز الطبيعي ولعدة سنوات حتى الآن.
يقول ديمتري جوردييف كبير الباحثين في مركز دراسة الاسواق القطاعية التابع لمعهد البحوث الاقتصادية التطبيقية في الاكاديمية الروسية الرئاسية للادارة العامة والاقتصاد الوطني: «ومع الاخذ بالحسبان فان ممر النقل الطويل إلى دول الاتحاد الاوروبي، والتكلفة النهائية لتصدير الغاز إلى الخارج اقل مما عليه الحال مع الاغلبية العظمى من منافسي روسيا». ويوضح ان توفر خطوط تصدير ذات سعة كبيرة يجعل من الممكن تصدير الغاز الطبيعي بالاحجام المطلوبة من دون ان تكون مقيدة بقيود انتاجية.
 
هل ستحافظ روسيا على هذا الموقع؟
انها على الاقل تعمل لتحقيقه، فمثلا تقوم على تطوير صادرات الغاز الطبيعي المسال(LNG) بنحو نشيط، ما يسمح للمنتجين المستقلين، الذين تم منعهم من تصدير الغاز عبر الانابيب بتشريع قانوني، بالمشاركة في تصدير الغاز الطبيعي، فضلا عن تقليل المخاطر السياسية عبر تنويع مسارات التصدير.
ومن الامثلة الاكثر وضوحا لهذا هو تصدير الغاز إلى الصين، إذ تم توقيع عقد في العام 2014 ومدته 30 عاما بين شركة غازبروم وشركة البترول الوطنية الصينية وبموجبه حدد التسليم التعاقدي للصين كما يلي: 5 مليارات متر مكعب في عام 2020، و10 مليارات متر مكعب في العام 2021، و15 مليار متر مكعب في العام 2022.
ويؤكد شيريدنيشنكو انه رغم الحقيقة بان البيئة الحالية في العالم غير مواتية لروسيا، فان احتمالية تمكنها من الاحتفاظ بمكانتها كأكبر المصدرين للغاز مرتفعة للغاية.
ويبيّن جوردييف: {حفاظ روسيا على موقعها المتصدر بين الدول المصدرة للغاز الطبيعي لا يعتمد بشكل كبير على الاقتصاد بل على اعتبارات سياسية}. مشيرا إلى ان احتياطيات الغاز الروسي المستكشفة وتطوير مسالك التصدير، من وجهة نظر اقتصادية، سيسمحان بوصول الغاز إلى خارج الاتحاد بأسعار تنافسية وعلى مدى عقود مقبلة. علاوة على ذلك، يمكن ملاحظة الميل حول العالم إلى استبدال الغاز الطبيعي بمصادر طاقة كالفحم والنفط.
ما الذي يمنع روسيا عن بيع المزيد من الغاز؟
تصدر روسيا الغاز بشكل رئيس وفق عقود طويلة الاجل تعتمد على نظرية «الاستلام او الدفع». ما يعني اذا فشل الزبون في شراء كميات الغاز المتفق عليها مسبقا، فلا يزال يتوجب عليه تسديد تكاليف عمليات التسليم، والسبب ان البنية التحتية لإمدادات الغاز باهظة للغاية وتتطلب حلولا تقنية كبيرة.
فعلى سبيل المثال، قامت شركة غازبروم  ببناء امتداد لخط غاز نورث ستريم على طول قاع بحر البلطيق لغرض بيع الغاز إلى المانيا، اضافة إلى انبوبي غاز تحت البحر هما بلو ستريم وتورك ستريم لإمداد السوق التركية، ويمكن استعادة تكلفة هذه المشاريع الثلاثة من خلال عقود طويلة الاجل. ومع هبوط اسعار الهيدروكربونات في الاسواق العالمية، ومع هذا يخسر الغاز عبر الأنابيب بسبب الغاز المسال، وهو أكثر «مرونة».
يقول شيريدنيشنكو: «ان البنية التحتية الجاهزة هي المصدر الاساس لتحقيق التوازن الامثل في تحديد الكلفة الرئيسة لاستخراج وتسليم الوقود الازرق، وبالتالي تحديد السعر التنافسي».
صرّح وزير الطاقة الكسندر نوفاك مؤخرا بان هذا السبب وراء قرار روسيا بخوض طريق الغاز الطبيعي المسال، وقد تصل حصة روسيا في المستقبل من الغاز المسال في الاسواق العالمية إلى 25 % من الاحجام العالمية، لكن من دون اعطاء جدول زمني محدد.
 
عن Russian beyond