صباح محسن كاظم
ثمة رؤى متعددة للاهتمام بالجانب الاقتصادي في العراق، لتجاوز محنة الظروف القاهرة التي ولدتها جائحة كورونا، حيث نرى هناك اقتصاديات عالمية حافظت على توازنها، رغم أهوال الجائحة التي أوقفت الحياة بمعظم دول العالم. ولتطوير الاقتصاد الوطني بالاستثمار الزراعي، وتطوير الزراعة، بدلا من الاعتماد على النفط، الذي يشكو من تقلبات الأسعار، ينبغي البحث عن حلول ناجعة لسد عجز الميزانية الذي يبلغ الآن ما يقارب (30) ترليون دولار، وسط أسئلة مُلحة عن كيف يستطيع الاقتصاد العراقي تحقيق الأهداف المنشودة ؟.
لعلّ الجواب يتم بإصلاح الواقع الصناعي وتنمية بنيته، وهيكيلية الاقتصاد العراقي، وتطوير مشاريع الطاقة الكهربائية من خلال استثمار الغاز المهدور في المحافظات النفطية، والذي يحترق سدىً، الى جانب ضبط الإنفاق العام الحكومي وترشيده.
ان واقع الحال يتطلب العمل المخلص بمنهجية توفير فرص العمل للعاطلين لتقليل البطالة بتكافؤ الفرص، بالتعيين المركزي ومجلس الخدمة، ولتحقيق ذلك التكافؤ ينبغي فتح باب التوظيف في القطاع الخاص وشمول العاملين فيه بالضمان والتقاعد، فضلا عن إحصاء السكان لتحقيق توزيع عادل للثروة والعمل في تنمية المشاريع الستراتيجية.
كما لا بدّ من إعادة تشغيل ماكنة الصناعة ليعود (صنع بالعراق) بالإفادة من التمور، ومحصول الطماطم، وقصب السكر، والقطن والمنتجات التي تدخل بالصناعة بتوفير المناخ الملائم للاستثمار.
نأمل عودة صناعتنا إلى واجهة الأسواق، وتقليل الإستيراد للحفاظ على دورة رأس المال داخل البلاد، فالإصلاح الاقتصادي يحتاج الى خطوات عملية وفورية، كما يذكر د. أحمد عمر الراوي بكتابه (دراسات في الإقتصاد العراقي بعد عام 2003 الواقع والتحديات) ص236: "بناء الاقتصاد الوطني للحاجة الملحة إلى رأس المال الوطني، لاسيما في ظل انخفاض الموارد النفطية، التي باتت لا تلبي احتياجات العراق من التخصيصات المالية، لتحقيق النمو الاقتصادي، الأمر الذي يتطلب مشاركة القطاع الخاص في عملية البناء، بعد أن ظلت الدولة هي المهيمن الرئيس على مجمل الفعاليات الاقتصادية، ولتحقيق هذه الدعوة المبررة يتوجب إصدار الأطر التشريعية والمؤسساتية الضرورية المنظمة لتشجيع وجذب الاستثمارات الوطنية الخاصة، لاسيما الأموال الوطنية الهارب".
ولا يمكن أن نغفل أن الاقتصاد الوطني يتطلب وجود منظومة متكاملة من العمل تقود الى تحقيق تنمية اقتصادية شاملة، في بلد مثل العراق قادر على النهوض وبلوغ مستويات مؤثرة في ساحة الاقتصاد العالمي، لما يمتلكه من جملة معطيات باتت واضحة للجهود المحلية
والدولية".