تولستوي وتورجينيف الموت والأدب

ثقافة 2021/02/24
...

  ترجمة: مهند الكوفيّ
من المعروف أن العلاقة الودية في الأدب الكلاسيكي الروسي وخاصة بين ليو تولستوي وايفان تورجينيف، كانت ودية للغاية وهذا ما جاء في صحيفة أخبار الأدب الروسيّة.
بعد ذلك، حدثت منافسة بينهما، انتهت في مبارزة الكتاب. إذ انتقم ليو من صاحبه بالإشارة المسيئة إليه في مضمون رواية "الحرب والسلام". مما جعل تورجينيف يكتب رواية "الآباء والأبناء"، للرد على تولستوي بطريقة روائية ثيمية جعلت من الأدب الكلاسيكي حلبة قتال لا مفر منها. توالت بعدها النتاجات أزاء ذلك النزاع، كتب ليو رواية "آنا كارنينا". 
ذات يوم، اشتكى ايفان من مرض التهاب الشعب الهوائية، ولم يعد قادرا على إكمال المنافسة في الكتابة. لكن، تولستوي لم يصدق ذلك ولم يرحمهُ، فقال: إنه يكذب. لم يستطع مقارعتي وأنا كاتب"الحرب والسلام". 
14/ نيسان 1856 كتب تولستوي رسالة إلى اخته ماريا ذكر فيها: "إنه قد ابتكر حيلة، أي نوع من الأمراض، ليقول إني مصاب بالتهاب الشعب الهوائية، إنه ليس مرضا، إنما حجر عثرة". 
بعد عشرة أيام، كتب ايفان رسالة إلى بوتكين يقول: "نحن خلقنا بقطبين متضادين، إذا أكلت الحساء المحضر لهذا المرض واقتنع تولستوي بذلك، فسوف اعرف حينها أن تولستوي مقرف، والعكس خلاف ذلك". 
لكن، آخر مشادة حدثت أثناء وليمة صديقهما المشترك - الشاعر أثاناسيوس فيت وزوجته. في بادئ الأمر استمرت محادثتهما بشكل طبيعي، عندما بدأ تولستوي فجأة في انتقاد أساليب تورجينيف لتعليم ابنته غير الشرعية بولينا، التي عاشت في الخارج. قال: إذا كانت بولينا ابنته الشرعية، فإنه سيعلمها بشكل مختلف تمامًا، في خضم اللحظة التي أهانه فيها، لم يكتفِ تولستوي بذلك، بصق أيضًا في اتجاه رفيقه تورجينيف، الذي قفز من كرسيه في نوبة من الغضب. بعدها طلب تورجينيف المبارزة بإطلاق رصاصة واحدة لكل منهما، لولا تدخل أصدقائهم، ربما كان بإمكان العالم، أن يفقد حتى أحد عمالقة الأدب، العالميين المتخاصمين. 
بفضل جهودهم المشتركة، لم تحدث المبارزة، لكن الكتّاب العظماء والجيران المقربين، توقفوا تمامًا عن التحدث مع بعضهم البعض. في رسالة إلى فيتو بتاريخ 26/ كانون الأول 1861 كتب تورجينيف: "يجب أن أعيش وتولستوي، كما لو كنا موجودين على كواكب مختلفة أو في قرون مختلفة". 
استمر هذا لمدة سبعة عشر عامًا، حتى تمت الولادة الروحية مع تولستوي، بعد أن غمره الدين، بدأ يعيش وفقًا لمبادئ يسوع المسيح (من دون الاعتراف بالكنيسة الأرثوذكسية، التي تم تحريمها)، وبدأ في إرسال رسائل مصالحة إلى كل من أساء إليه. ومن الجدير بالذكر، أنه تم العثور على عدد غير قليل من رسائل الصلح تذكر:  قبل تورجينيف أن يعتذر تولستوي، لكن صداقة العباقرة العظيمة لم تستأنف.