الرواية ووهم الجوائز

ثقافة 2021/03/04
...

 حسين العبد الله 
تَقف الرِواية اليوم كحدثٍ أدبيٍّ هو الأهم من بين الأنواع الأخرى، وتتمثل أهميّة هذا الحدث؛ بمستوى تَلقيه العالي، والتسويق الجيد والاستهلاك، ولن أطيل كثيراً عن مدى هيمنة الرواية على التلقي والاستهلاك، لأنَّ ما يهم حقاً وما يمكن أن نتساءل عَنه: ما هي المعايير التي تجعل من رواية ما مرشحة لجائزة كبرى؟. 
انطلاقا من هنا لا بدَّ لنا أن نعي هيمنة ثقافة الآخر على التفكير العربي، والثقافة العربية، وإن هذا الآخر هو صاحب السلطة الأقوى في تلك الترشيحات والجوائز كونها تحمل مسمى (العالمية) وإنَّ هذه الجوائز لا تخلو أبداً من الأيديولوجية بل هي أصلاً وضعتْ من أجل تلك الأعمال المؤدلجة التي تحمل المبادئ التي تشبع تلك الرغبات التي تضمرها الجوائز، فإذا أعدنا النظر في الأعمال الروائية الحائزة جوائز عالمية لوجدنا فيها الكثير من العيوب الفنية الجمالية والأدبية وأنها كنصٍّ، تكاد تكون ضعيفة مقارنة بأعمال أخرى، إذن كيف حصدت هذه الأعمال الترشيحات والجوائز، بكل بساطة ووضوح إن هذه الأعمال تفوز وتحصد لا لخصوصيتها الفنية والأدبية، بل لخصوصيتها الأيديولوجية المتحققة في النص، وما تقدمه من أفكار تخدم توجهات تلك الجوائز، والقارئ المتواصل مع الأعمال الفائزة سيجد أنها أغلبها تتبنى فكرة تخدم أيديولوجية معينة.
 عام 2020 فازت الروائية الهولندية أميركا لوكاس بالبوكر العالمية عن رواية “قلق الأمسيات”، وما تبحث عنه الرواية في مضمرها، خوضها في “التابوهات” الدينية المحظورة، كذلك مجموعة من الأعمال التي رشحت وسترشح، حتى أن الكاتب الآن صار يعي تماماً سياسة الجائزة وأصبح فعلاً يكتب وفق ما تمليه تلك الجوائز من معايير، لأن هم الكاتب هو فوزه بجائزة مثل البوكر، لا الكتابة ذاتها، وأخيراً اختم بما قاله فؤاد التكرلي متصرفاً: يجدر بالكاتب أن ينطلق من بيئته وظروفه وأن يتحدث بمحيطه وأن ينطلق منه، وهذا ما عملت عليه طيلة حياتي في مجال الرواية.